كيف تحوّلت الحرب إلى معركة إعلامية ؟
مجاشع التميمي
في ظلّ الحرب المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، باتت المعركة الإعلامية جزءاً لا يتجزأ من ساحات القتال. الإعلام، خصوصاً المرتبط بالدول الكبرى، لم يعد حيادياً ولا خادماً للحقيقة، بل أداة بيد الحكومات وأجهزتها الاستخباراتية. فهو لا ينقل فقط الأحداث، بل يعيد تشكيلها وتوجيهها بما يخدم المصالح العليا لتلك الدول، لا وعي الشعوب. التجربة تُثبت أن بعض وسائل الإعلام لا تضلل الجمهور فحسب، بل قد تُضلل صانع القرار نفسه. وهذا ما حدث خلال حقبة صدام حسين، حين ضخّمت الصحف الدولية والإعلام الغربي قوته بشكل مبالغ فيه، حتى صدّق «الزعيم» نفسه تلك الصورة الزائفة، ما قاده لاحقاً إلى اجتياح الكويت في مغامرة كلفت العراق والمنطقة الكثير.
المثير للقلق أن هذا النوع من الإعلام الموجّه بات يُنسخ اليوم عبر منصات السوشيال ميديا، حيث تُمزج العواطف بالمعلومات المضللة، وتُقدَّم الأوهام على أنها تحليلات. والمفارقة المؤلمة أن بعض المثقفين والنخب الأكاديمية باتوا أسرى لهذا المحتوى، يشاركونه دون تحقق أو مراجعة، بينما يُعذر المواطن البسيط أحياناً لانخداعه بما يرى ويسمع. وهنا نستحضر توصيف د. محمد شومان، الخبير الإعلامي والأكاديمي العربي، حين قال إن ظاهرة “جنرالات المقاهي” تطورت عبر الزمن إلى “جنرالات الفضائيات”، ثم إلى “جنرالات السوشيال ميديا” الذين لا يملكون معرفة مهنية أو تحليلية، بل ينقلون الشائعات والأمنيات في قالب يبدو مقنعاً. هؤلاء لا يهددون وعي الأفراد فقط، بل يساهمون في خلق وعي زائف قد يدفع الدول إلى خيارات كارثية