الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراق في قلب عاصفة الحرب بين إيران والكيان الصهيوني

بواسطة azzaman

العراق في قلب عاصفة الحرب بين إيران والكيان الصهيوني

قتيبة آل غصيبة

 

بين مطرقة النفوذ الإيراني؛ وسندان التحولات الإقليمية والدولية؛ يقف العراق على مفترق طرق حرج ، فاندلاع المواجهة المباشرة في فجر يوم 13 حزيران/ يونيو 2025 بين الكيان الصهيوني وإيران  لا يعني مجرد تصادم بين خصمين إقليميين؛ بل يفتح الباب أمام تداعيات عميقة على الأمن والسياسة والاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط؛ ويضع العراق أمام تحديات مصيرية تمس كيانه ومصالحه الاستراتيجية.

منذ الغزو والاحتلال الامريكي البغيض للعراق في عام 2003؛ ونظرا للتقارب ألايديولوجي الديني الكبير بين العراق إيران؛ في ظل أحزاب وزعماء يدينون بالولاء لإيران؛ فقد أصبح الانحياز العراقي لإيران؛ والتقارب بينهما كبيرا جدا؛ وجعل العراق ساحة لنفوذ إيراني متصاعد تَمثَلَ في دعم تلك  الأحزاب وميليشياتها الموالية لطهران؛ وأصبح بعيدا عن  المصالح الوطنية؛

تقارب أيديولوجي

ما جعل القرار السياسي العراقي مرتهناً في كثير من الأحيان لأجندات إيرانية، فهذا الانحياز لم يكن نتيجة توازن مصالح عقلاني؛ بل نابع من تقارب أيديولوجي ديني طائفي عميق؛ ربط مصير بعض القوى العراقية بمصير النظام الإيراني نفسه.

إن إندلاع المواجهة بين ايران والكيان الصهيوني؛ وقصف الصهاينة البنى التحتيتة للمشروع النووي الايراني وأغتيال بعض الشخصيات الامنية والعلمية فيها؛ اصبح يهدد العراق عبر ثلاثة محاور رئيسة:«عسكريًا:» احتمال استخدام الأراضي العراقية كمنصة أو هدف للضربات؛ خاصة مع وجود الميليشيات الموالية لطهران ، «سياسيًا:» المزيد من شلل القرار الوطني العراقي لصالح صراع المحاور؛ ما يعمّق الانقسامات الداخلية ويضعف سيادة الدولة ، «اقتصاديًا:» العراق سيتأثر بعقوبات ثانوية؛ بتعطيل التجارة والطاقة؛ وبالاضطرابات التي تضرب السوق الإقليمي.

في ظل تهديدات المحاور أعلاه؛ وسيطرة المليشيات الموالية لإيران على المشهد السياسي في العراق، ولكي يتم إنقاذ العراق من هذه الأزمة؛ سيكون امام خيارين : إما

«المواجهة المباشرة» مع هذه المليشيات بدعم امريكي وأقليمي؛ والذي يجعل من المستحيل على  الحكومة العراقية؛  إدارة هذه ألازمة بطريقة عقلانية؛ من خلال التصدي المباشر للأذرع الإيرانية؛

مواجهة مباشرة

في ظل الهيمنة الأيديولوجية الطائفية المدعومة من إيران؛ وإن أي محاولة لمواجهة مباشرة مع تلك الأدوات؛ أو تفكيك الدولة العميقة ستبوء بالفشل؛ فالعراق إذن غير قادر حالياً على فرض سيادة كاملة؛

 ما دام النظام الإيراني على حاله؛ وما دامت أدواته تحتل مفاصل القرار العراقي ، أو «خيار الاحتواء» ؛ الذي  يصبح تكتيكا ضروريا بديلا وممكنا في اللحظة الراهنة؛ فالاحتواء؛ وضبط النفس؛ وتفادي الصدام المباشر؛ وإدارة التوازنات الداخلية والخارجية حتى تتغير المعادلة الإقليمية بسقوط النظام الإيراني الحالي؛ بالرغم من ان هذا السقوط قد لا يكون وشيكاً؛ لكنه مرهون بتحول داخلي تدعمه الولايات المتحدة والدول الغربية؛ في مقابل الدعم الروسي-الصيني الراهن للنظام في طهران.

إن العراق  بوضعه الحالي؛ أقرب إلى رقعة في صراع إقليمي دولي منه إلى  لاعب مؤثر فيه ، وإن بناء دور فاعل للعراق؛ يحتاج إلى إعادة بناء النظام السياسي من جذوره؛ وتحريره من الارتهان الطائفي والمصالح الخارجية.

إن مستقبل العراق في خضم المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني؛ لن يتحدد فقط عبر ما يجري على الجبهات، بل أيضًا من خلال قدرته على بناء قراره السيادي؛ وكسر حلقة التبعية، وإذا كان الواقع لا يسمح بالمواجهة الآن؛ فإن الوعي بالخطر واتخاذ خطوات واقعية نحو الاحتواء قد يكون السبيل الوحيد لعبور هذه العاصفة بأقل الخسائر....

 والله المستعان..


مشاهدات 63
الكاتب قتيبة آل غصيبة
أضيف 2025/06/17 - 3:43 PM
آخر تحديث 2025/06/18 - 10:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 354 الشهر 11624 الكلي 11146278
الوقت الآن
الأربعاء 2025/6/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير