خارطة الطريق لإنقاذ السباحة العراقية من التشخيص إلى التنفيذ
ياسر معيوف حنتوش
في موضوع سابق، تساءلنا بمرارة لماذا بقي رقم سباحة واحد صامدًا في العراق لسبعة وثلاثين عامًا؟ وخلصنا إلى أن الواقع الحالي للسباحة العراقية يعاني من ركود بنيوي مزمن، لا يكفي فيه كسر رقم فردي ليُعلن التعافي. واليوم، نخطو خطوة إلى الأمام، نحو وضع «خارطة طريق» حقيقية، تنقل السباحة العراقية من حالة الركود إلى مشروع نهوض شامل، مستفيدين من التجارب الناجحة حولنا.
أولاً: ماذا فعل الآخرون؟
دول مثل (تركيا ومصر وإيران) لم تكن دائمًا الاقوى في رياضات الماء، لكنها تحوّلت في غضون عقد من الزمان إلى حاضنات لأبطال آسيويين ودوليين.
ما هو السر؟ ليس المال فقط، بل كان هناك الرؤية والتنظيم والاستثمار في الفئات العمرية الصغيرة.
• مصر مثلا أنشأت اتحادات فرعية قوية في كل محافظة، وفرضت إدراج السباحة في المدارس الخاصة.
• تركيا أنشأت المسابح الأولمبية وبعدد مضاعف وفتحت المجال لشراكات مع القطاع الخاص.
• إيران قامت بإطلاق برنامج «السباح الأولمبي» لتأهيل 100 سباح بحلول 2025، ونجحت في اكتشاف مواهب من القرى والمدن الصغيرة.
ثانيًا: العراق... ما الممكن؟
الموارد موجودة، لكن غائبة عن التخطيط. والحلول لا تحتاج معجزة، بل:
برنامج الكوادر الفنية الوطنية:
تشجيع الشراكة مع القطاع الخاص:
من خلال تقديم حوافز (مثل الإعفاءات الضريبية، دعم توفير الأراضي، والرعاية الإعلانية) للمستثمرين لإنشاء مسابح أهلية تُستخدم لاحقًا لتدريب السباحين بإشراف فني من الاتحاد.
تأهيل المسابح الحكومية المهملة:
كثير من المسابح الحكومية مغلقة أو متهالكة. تأهيل 10 منها على الأقل يُعد خيارًا سريعًا وفعالًا لتوسيع قاعدة التدريب، بتكلفة أقل من إنشاء مرافق جديدة من الصفر.
مشروع «سبّاحي 2030»:
إطلاق برنامج وطني لاكتشاف المواهب من عمر 7 إلى 12 سنة.
تنظيم بطولات مدرسية منتظمة بإشراف الاتحاد.
تكوين قاعدة بيانات مركزية للمواهب ومتابعتهم تدريبيًا وطبيًا.
اتحاد سباحة فعّال:
إعادة هيكلة الاتحاد على أساس الكفاءة وليس للترضيات الانتخابية.
لزام الاتحاد بنشر تقارير مالية وخطط سنوية علنية.
فتح باب التعاون مع المدربين المحليين والخبراء الخارجيين.
الإعلام والوعي المجتمعي:
• السباحة ليست فقط رياضة، بل ثقافة حياة.
• حملة وطنية: «علّم طفلك السباحة... أمان قبل الرياضة».
• إنتاج محتوى مرئي يُبرز قصص النجاح العراقية في السباحة.
ثالثًا: الطريق ليس سهلاً، لكنه مُمكن
نحن لا نبدأ من الصفر، بل من «رقم صامد لسبّاح»، ومن «رغبة شعبية بالتغيير»، ومن «جيل شاب يتوق للفرصة». نملك العقول، والكوادر، والتجارب، وما نحتاجه هو قرار حقيقي، وإرادة تنفيذ.
السباحة العراقية لا يجب أن تبقى في الماضي، بل تستحق أن تسبح نحو المستقبل... بسرعة، وبخطى واثقة.