الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عشرون عائلة مقابل مقعد إنتخابي

بواسطة azzaman

عشرون عائلة مقابل مقعد إنتخابي

وفاء الفتلاوي

 

لم أتخيل يوماً أن يتجاوز سعر المقعد النيابي حاجز المليار دينار عراقي في سبيل الحصول على 25 ألف صوت انتخابي بحسب ما صرح به أحد السياسيين. هذه الصدمة دفعتني لتقسيم هذا الرقم الهائل على عدد الشقق في المجمعات السكنية المنتهية الصلاحية مثل الطالبية والصحة والحبيبية والتي حددت الدولة قيمة الشقة بحسب لجنة المشتريات في عقارات الدولة في الطابق الأرضي كمثال بـ50 مليون دينار فقط.

بعملية حسابية بسيطة هذا المبلغ يعادل كلفة 20 شقة أي أنه كفيل بانتشال 20 أسرة كاملة برجالها ونسائها وأطفالها من حياة التهميش والفقر إلى حياة أكثر كرامة وأملاً.

أما كان الأولى أن توجه هذه الأموال لإنقاذ سكان هذه الأحياء المتآكلة؟ أين الرحمة في بلد تتبجح فيه الأحزاب والحكومة بالشعارات؛ لكنها لا تبادر حتى بالتنازل عن عشر هذه المبالغ لأجل عوائل أنهكها الزمن وتراكمت عليها الديون وسط سوء الخدمات؟..والأجدر أن تستعطف هذه الأحزاب قلوب الناس بإحسانها الحقيقي لا بمقايضة الأصوات بالوعود، خصوصاً وأن من تُمدّ لهم يد العون اليوم هم ذاتهم من سيحملونهم إلى صناديق الاقتراع غداً بل سيحشدون معهم أقاربهم وجيرانهم حباً لمن أشعرهم بأنهم مرئيون في وطنهم.

بل لم أجد خلال كامل الدورة الانتخابية الحالية أو الدورات السابقة ممثلاً واحداً عن الشعب يرفع صوته مطالباً بتصفير ديون المجمعات السكنية المنهارة، ولا وزيراً أو مسؤولاً واحداً أو أباً راعياً يوجه كلمة تهدئ بها قلوب هذه الفئات الهشة التي تعيش تحت وطأة القلق والحيرة تنتظر من يمد لها يد العون قبل أن تغرق تماماً في نسيان الحكومة وسياسة المماطلة.أليس الأولى بالحكومة أن تتنازل عن مستحقاتها من المتقاعدين والكسبة في تلك المجمعات؟ أما كان الأولى من الأحزاب أن تستخدم هذه الأموال لتأهيل البيوت لا لشراء الأصوات؟ فما جدوى كل هذه المقاعد إن بقيت تحتها عوائل لا تجد سقفاً آمناً ولا قراراً عادلاً؟ وتطالبون بمشاركة واسعة في الانتخابات!!ان المؤلم بهذه القوائم الانتخابية تبدأ من مليار دينار وتصل إلى 15 مليار دينار كحملات دعائية بحسب ما كشفه أحد المسؤولين وتخيلوا حجم هذه الأموال في ميزان شعب مستضعف يبيت قلقاً من قرارات حكومية مفاجئة قد تهجره في أي لحظة من مساكنهم بسبب تراكم الديون التي على عاتق المتقاعدين والكسبة دون وجود بديل سوى الانتظار على قارعة الأمل.

ختاماً حين يدفع لأجل مقعد نيابي ما يكفي لإنقاذ عشرات العوائل في مجمعات سكنية متهالكة من الضياع، فإن السؤال لا يعود عن نزاهة الانتخابات فقط بل عن إنسانية القرار السياسي نفسه.

 

 


مشاهدات 858
الكاتب وفاء الفتلاوي
أضيف 2025/06/02 - 2:50 PM
آخر تحديث 2025/06/17 - 1:38 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 102 الشهر 10755 الكلي 11145409
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/6/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير