كونوا أحراراً لا عبيد
حسين وناس الخزاعي
تجسد الحرية جوهر الإنسانية، فهي ليست مجرد مفهوم فلسفي بل هي منارة ترشد الأفراد والمجتمعات نحو الرقي والازدهار. إن الأحرار في أسمى معاني الكلمة، هم أولئك الذين يرفضون الخضوع إلا للحق، وتسمو ارواحهم فوق كل أشكال التبعية، فلا يهمهم سوى كسب الاحترام ورفعة الرأس والسمعة الطيبة التي يُقتدى بها. تجدهم عمالقة في سلوكياتهم متواضعين في تعاملهم، وسهل أن تكسب ودهم بصدق التقدير والإطراء، وهذا حق يقال لهم وجميل يُنكر جاحدوه. إنهم أصحاب إرادة حرة وعزة وكبرياء يميزون الطيب من الخبيث ولا تطأ جباههم لغير الحق. يعتزون بفعل الخير، ويُعرفون بشجاعة الرأي وعقلية متحررة، فهم يفتدون كل ما يستحق الفداء، وهذا هو دربهم المنير وقضيتهم النبيلة. وفي غمرة هذا الوصف الباسل، لا يسعنا إلا أن نعبر عن عجزنا عن وصف بطولاتهم ومكارمهم التي تستحق كل التكريم والافتخار. لكن المفارقة المؤلمة تكمن في واقعنا الحالي، ففي عراقنا الحبيب نرى عكس هؤلاء الشخصيات القوية تتربع على منصات الحكم، وتتزعم القضاء، وتقود الشعب إلى الهلاك والدمار المجتمعي.
نراهم بأم العين مزيفين وجهلة بكل شيء، بل يفتخرون بكونهم مستعبدين لعقول خارجية لا تريد سوى الشر لأهل العراق الأحرار. يا عقلاء العالم المنير، ويا زعامات الشرفاء العادلين، حرروا عراق الحضارات المشرقة من عبث هذا النظام الحالي.
حرروا الناس من عقول الجاهلين بطردهم والتخلص من بطشهم وطغيانهم ومكرهم وخيانتهم للعراق وعلمه ورموزه الوطنية. فالجهلاء لا يعرفون حقاً ولا عدالة، كل ما يهمهم هو حفنة من الأموال والمصالح الشخصية الدنيئة، ولا يبالون ولا يمنعون الفساد الذي يُشرع القرارات الفاسدة التي لا تخدم مصالح الوطن والمواطن المحروم حتى من حقوقه الأساسية. إنهم شخصيات خبيثة في السلطة والقضاء، ومآلهم الوحيد هو أن يتغلب الخبيث على الطيب ويُقهر ويُذل ويعاني الحرمان في الحياة. إن السبيل الوحيد للخلاص من هذه الأنظمة الرجعية الفاشلة عقلياً وجوهرياً يكمن في استعادة حريتنا وكرامتنا، وأن نكون أحراراً للتصدي لأي سلطة منحرفة والوقوف ضدهم لا عبيداً وتابعين للباطل مثلهم.