أصبيحة.. نفوذ الخصومات والقطيعة
عادل سعد
•لم تكن مشكلة السيدة ( أصبيحه) اسمها حين استصغروها باللفظ من صباح أو صبيحة ،أو صبحة الى (أصبيحه) ، وليس لأنها تعيش في بيئة قروية تحتم عليها ان تكون تحت ظل رجل وفق التفسير التعسفي وليس الشرعي ، ولا لكون الفرصة لم تتوفر لها في الدخول الى مدرسة شأنها شأن العديد من الفتيات القرويات اللواتي بقين تحت طائلة الامية الابجدية، بل لأنها وقعت ضحية المنافسة في عائلة كبيرة تقاسمها صراع النفوذ على رئاسة العشيرة بعد وفاة والدها رمزها الاساسي الذي كان قوة استقطاب لجميع الافراد المحيطين به.•ما يشفع للسيدة أصبيحه انها عاشت في بيت رئيس عشيرة كان له المزيد من النفوذ الاجتماعي العام، وكانت سطوته الصارمة على العائلة قوية جداً، الوضع الذي وفر لها منزلة وحماية كانت تنعم بها مع المزيد من راحة الذهن .
•كانت تسرق حالها احياناً وتتجه الى المضيف وتنفرد مع والدها للتداول معه في جولة إستشارية عن بعض قضايا العائلة ، بل وتسأله ان كانت نفسه في أكلة ما لتطبخها له ، وكانت تكثر من الحمد والشكر الى الله على نعمة هذا اللقاء الدوري الثنائي بينها وبين والدها إذ تشعر بالزهو ان والدها يصغي لها رغم مشاغله الكثيرة.
•لم تتطلع الى اية فرصة عاطفية ترسمها للمستقبل، بل ارتضت بالقرار الصادر لها في ان تقبل زواجها من ابن عمها.
هكذا سارت الامور وعندما تم زفافها تكفل والدها بالمصروفات المالية، مهرالزفاف والمستلزمات المنزلية ،وبعد حين ودون اي سابق انذار وجدت نفسها إثر وفاة والدها تحت سقف خصومة حادة على رئاسة العشيرة بين شقيقها الذي تحبه كثيرا وزوجها الذي نصب نفسه منازعا لأخيها على هذا الموقع الاجتماعي.
استخدام سلاح
• في اتون هذه الخصومة حصلت القطيعة بينها وبين شقيقها، خيمت عليها هواجس شديدة ،فقد وصلت الأمور الى التهديد في استخدام السلاح لفض النزاع على الرئاسة. •من عشر سنوات لم تتمكن أصبيحه ان تحظى برؤية اخيها رغم ان طريقاً ريفياً قصيراً جداً يفصل منزلها عن منزله .
•لا سلام ولا كلام ولا لقاءات ، لا تزاور في المناسبات، مرة واحدة فقط لمحت شقيقها فخفق قلبها لأحتضانه ، كانت برفقة زوجها لكنها شاحت بوجهها خوف التعرض الى عقاب من زوجها.
•أصبيحه شأنها شأن الآلاف من النساء العراقيات اللواتي فُرضت عليهن القطيعة العائلية بسبب تجاذبات النفوذ، على عائدية أراضي، أو مياه سقي وخصومات بين الاطفال، أو شغب نسائي ، أو على مشيخة وإذا ارادت المرأة ان تتطلع إلى إصلاح ذات البين فلن يصغي لها أحد.
•لقد روى لي احد ابناء تلك العشيرة المترفع من الخوض في خصومات من هذا النوع، إن أصبيحه تعرضت للكمد المقرف بسبب ذلك، وان الوضع بين العائلتين زاد سوءاً بعد انضمام اولادها الى جانب والدهم في المطالبة برئاسة القبيلة، وانها غادرت الى مثواها الابدي من غير أن يجد الاطباء سببا معيناً لأنهيار صحتها، بل روى لي نقلاً عن بعض نساء العشيرة، انها دائما تردد (شفاي بشوفة اخوي)، وان امها كانت تطوف عليها في أحلامها لتسألها عن الاحوال، وكان حلمها ينتهي في أغلب المنامات بزعل والدتها عليها.