زيدان: إستقلال القضاء حق دستوري وحجر زاوية بالنظام الديمقراطي
بغداد تحيي مئوية أقدم محكمة عربية وسيادة القانون تتصدّر المشهد
بغداد - قصي منذر
أحيا القضاء العراقي، مئوية محكمة التمييز الاتحادية، في احتفالية رسمية أقيمت ببغداد، احتفاءً بمرور مئة عام على تأسيس أعلى سلطة قضائية في البلاد، التي شكلت عبر قرن كامل رمزاً للعدالة وسيادة القانون. وأكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان خلال الاحتفال الذي نظمته رابطة القاضيات العراقيات بالتعاون مع المتحف الوطني أمس إن (محكمة التمييز تمثل قمة الهرم القضائي في العراق، وركيزة جوهرية في الاستقرار القانوني وتوحيد الاجتهاد القضائي).
حق دستوري
مشدداً على إن (استقلال القضاء حق دستوري مكفول، وهو حجر الزاوية في النظام الديمقراطي)، وتابع زيدان (نقف أمام لحظة تاريخية بكل ما تحمله من دلالات، نستحضر فيها قرناً كاملاً من العمل القضائي المخلص، ومن السعي لترسيخ سيادة القانون وحفظ الحقوق والحريات)، مشيراً إلى إن (محكمة التمييز، منذ تأسيسها عام 1925، لم تكن مجرد جهة تراجع الأحكام، بل كانت ولا تزال ذاكرة قانونية حية تحفظ مسار العدالة وتطورها عبر الأجيال)، ولفت إلى إن (المحكمة، كغيرها من مؤسسات الدولة، مرت بمحطات صعبة وتحملت أعباء مراحل دقيقة من تاريخ العراق السياسي والاجتماعي، لكنها بقيت ثابتة متمسكة بمبادئها ومؤمنة بدورها في بناء دولة القانون)، وشدد زيدان على القول إن (استقلال القضاء ليس منّة من أحد بل حق أصيل، وهو الضمان الأول لثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها)، ومضى إلى القول إن (نستذكر من سبقونا، من القضاة الأوائل الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذا الصرح العظيم، ومنهم من خطّ اسمه بقراراته ومنهم من خطّه بدمه، ولهم نقف وقفة وفاء وتقدير)، وأوضح زيدان إن (الاحتفال بالمئوية ليس مجرد استذكار للماضي، بل دعوة لتطوير أدوات القضاء ومواكبة العصر، وضمان ما يستحقه القضاء من دعم ليبقى قوياً مستقلاً مهاباً في عيون العراقيين). وانطلقت الاحتفالية، بحضور شخصيات قضائية ورسمية، احتفاءً بفصل مهم من تاريخ الدولة العراقية، إذ تعد محكمة التمييز، التي تأسست عام 1925، أول محكمة من نوعها في المنطقة العربية، وجاء تثبيتها في القانون الأساسي كأعلى سلطة قضائية في البلاد، وهو ما أعادت التأكيد عليه التشريعات اللاحقة، ومنها قانون مجلس القضاء الأعلى لعام 2017. كما أعلن مجلس القضاء الأعلى، ترقية عدد من القضاة وأعضاء الادعاء العام. وأشار البيان إن (المجلس عقد جلسته برئاسة زيدان، وتم خلالها تأبين القضاة المتقاعدين كل من، خزعل دعبول قاسم وموحان إبراهيم عبد الرحمن ونعمان مهدي حسن، الذين وافاهم الأجل)، مؤكداً إن (الجلسة شهدت ترقية عدد من القضاة وأعضاء الادعاء العام، بالإضافة إلى الانتداب ومنح المناصب القضائية التي يستوجب منحها إقرار التشكيلات في بعض رئاسات الاستئناف بناءً على مقتضيات المصلحة العامة)، وتطرق زيدان إلى (الاحتفالية التي أُقيمت بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس محكمة التمييز الاتحادية، وقرر المجلس توجيه الشكر الى وزير الداخلية عبد الأمير الشمري ومنتسبي الوزارة ممن ساهموا في هذه الاحتفالية وإظهارها بالمظهر اللائق)، معرباً عن (شكره لرابطة القاضيات العراقية التي تبنت تنظيم هذه الاحتفالية وتوجيه الشكر والتقدير للقاضية تغريد عبد المجيد ناصر، المشرفة على تنظيم الحفل وكذلك الشكر لإدارة المتحف الوطني الذي احتضن هذه الاحتفالية). على صعيد متصل، قدّم رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، تهنئته إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس محكمة التمييز، مؤكداً أن القضاء العادل هو الركيزة الأساس لبناء النظام الديمقراطي الحقيقي. وقال رشيد في بيان أمس (يطيب لنا، في هذه المناسبة البالغة الأهمية، إن نتقدم إليكم وإلى جميع القضاة ومنتسبي السلطة القضائية بأسمى التهاني).
بناء مجتمع
وأضاف إن (سيادة القانون وتحقيق العدالة هما الأساس في بناء المجتمع المدني المتحضر، ولا يمكن ترسيخ الدولة الدستورية دون قضاء قوي راسخ)، مشيراً إلى إن (السلطة القضائية وقفت، برغم الظروف والتحديات، موقفاً شجاعاً وعادلاً، محافظةً على دورها الدستوري في إحقاق الحق)، وشدد على (أهمية حماية حقوق الإنسان وحفظ الحريات العامة والخاصة بوصفها جوهر العدالة وغاية الدولة الدستورية)، وجدد رشيد (دعم السلطة القضائية، ونتمنى للقضاء العراقي مزيداً من العطاء وترسيخ العدالة).