الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لغتنا العربية الجميلة


لغتنا العربية الجميلة

ضرغام الدباغ

 

يمكننا الكتابة والسباحة في بحر اللغة العربية إلى مديات لا نهاية لها، ولا يمكننا البتة (كما أظن واعتقد) الإحاطة بمقال واحد، لا بل وحتى بعدة كتب عن أبعاد اللغة عن أستخدامها  الجميل والفذ، وقدراتها على التكيف منذ أكثر من 1500 ، أي منذ عصر الكتابة على الرقوق الجلدية والنقش في الحجر، وحتى بعد أكتشاف الورق منذ مطلع الدولة العباسية فصاعداً، ومنذ ذلك الحين والكتاب العرب يكتبون(750 ــ 800  م) ولعل أول كتاب  عربي كتب على الورق كان مؤلف المؤرخ العربي أبن هشام “ السيرة النبوية الشريفة”. فتأسست مصانع للورق في الحواضر العربية، وتأسست مكتبات عملاقة في أهم المدن العربية : بغداد، البصرة، الكوفة، دمشق، القاهرة، القيروان، فاس، القدس، ووهران، وسجلماسة، وقرطبة والمكتبة الإسلامية في شارع الملوك الكاثوليك في منطقة مونكلوا في مدريد، ومكتبة الاسكوريال / مدريد، وغيرها.

ولعل من أكثر المقاطع التي عكست حب العرب للغتهم هو ما كتبه الاساتذة الألمان في مقدمة موسوعة تاريخ العرب (من 7 أجزاء)، إذ كتب بروف،د. لوثر راتمان الخبير في التاريخ والشؤون العربية نصاً “ وبالنسبة للعلماء التقدميين، فليس ما يستدعي الانتباه هو الكم الوافر من الانتصارات في سوح المعارك، وإنما الخدمة التي قدمها العرب من أجل التقدم الاجتماعي للبشرية، وعندما كانت الحضارة والمدنية العربية الإسلامية قد وصلت إلى ذروتها، استطاعت أن تتوصل إلى نظام ري متعدد القنوات مثل أعلى درجات التطور في الإنتاج الزراعي، وكذلك في الاقتصاد التجاري، فيما مثّلت المصنوعات اليدوية، من منتجات الورش ولاسيما في صناعة السجاد، النسيج الراقي العالي التطور، وكذلك في إنتاج الجلود التي كانت لها أهميتها في العالم بأسره، كما ترجم أساتذة عرب أعمالاً باللغات اليونانية، اللاتينية، الهندية، فضاعفوا بذلك من حجم العلوم والمعارف التي كانت بحوزتهم في تطور مضاعف للعلوم. فوضعوا حجر الأساس للكثير من الميادين الرئيسية في المعارف والعلوم، ودوّنوا ما كان معروفاً لديهم في تلك الأزمنة في أعمال وكتب موسوعية، ولذلك أصبحت اللغة العربية لغة عالمية، فانتشرت الحروف العربية مع الإسلام إلى شعوب وبلدان غير عربية، كما حاز فن الشعر العربي على درة الأدب العالمي، فيما تؤشر اليوم جوامع ومساجد في دمشق والقدس وقرطبة كشواهد لامعة لفن المعمار العربي. وباختصار، فإن الثقافة في العصور الوسطى للدولة العربية قد أثّرت بشدة على التطور الثقافي لأوربا كما في آسيا وإفريقيا، وكوّنت إرثاً ثقافياً حيوياً لتلك الشعوب، وهي مؤثرة في الهياكل التقليدية في حياتهم حتى وقتنا الحاضر”.

نعم ... العرب فخورون بلغتهم، وهو ما جعلهم غريزيا، (دون أتفاق لو تخطيط مسبق) أن يحافظوا عليها، كواحدة من أغلى مكوناتهم، حتى في عصور التخلف والاستعمار الأوربي لأقطارهم سواء في المشرق أو في المغرب العربي.

والتقييم العالمي لدور اللغة العربية لم يأت من فراغ، بل أن الأدباء والعلماء والمؤرخون، والمفكرون والفلاسفة العرب عبر العصور، كان لهم دورهم الكبير المؤثر في تطور شتى العلوم. لدرجة أن الكثير من المصطلحات ما تزال مستخدمة حتى اليوم في العديد من لغات العالم ...

(أنظر الشكل عن اللغات الكلمات العربية في اللغات الاجنبية(في أصول الكلمات وجذرها)

والعرب من فرط محبتهم بلغتهم حتى في الجاهلية، كانوا يعلقون القصائد الجميلة والتي يجمعون على روعتها على جدران الكعبة ويطلقون عليها المعلقات ...! فقد روى الحاكم في المستدرك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خلق الله هذه الأشياء بيده: العرش، وجنات عدن، وآدم، والقلم، والماء، ثم السماوات والأرض وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في "التلخيص": صحيح.

والقرآن الكريم حين نزل على النبي، كانت السورة الرابعة فيها “ العلق “ أقرأ بأسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق،  اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم : سورة العلق . ويأتي ذكر القلم 4 مرات في القرآن الكريم

 

القلم والكتابة والكلمة والكتاب، هي أشياء تحضى بأحترام يقترب من التقديس .. وفي هذه دلائل على قدسية اللغة والكلمة .

كنا نتحدث ذات يوم(مجموعة من الدبلوماسيين المعتمدين في برلين) عن الرؤية والانجاز، والمنجزات الادبية فتلوت على الحضور أبيات من قصيدة لعنتر بن شداد                  وهي من الشعر الجاهلي قبل الاسلام، أي قبل عام 600 ميلادي ..!

ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني

وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

 

ترجمت هذه الابيات إلى الالمانية، ذهل الحاضرون من جمال اللغة وقوة التكنيك، ولا سيما أن  هذه الأبيات الرائعة وضعت قبل 1400 عاماً ......!

 

 


مشاهدات 18
الكاتب ضرغام الدباغ
أضيف 2025/12/27 - 1:51 PM
آخر تحديث 2025/12/28 - 1:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 59 الشهر 20541 الكلي 13004446
الوقت الآن
الأحد 2025/12/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير