الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لمحة الى مكانة المرأة عندالعرب قبل الإسلام


لمحة الى مكانة المرأة عندالعرب قبل الإسلام

مسلم عوينة

 

نظر العرب قبل الإسلام الى المرأة باعتبارها مصدر الحب والجمال والمتعة ، كما أنهم وجدوها عالماً مكتظاً بالفرح ، والحزن ،والخصب ، والجدب ، ودنيا تتسع لكل امتدادات الحياة والموت ، والى جانب هذا كله فهي مالكة القدرة الخارقة على ولادة الحياة الجديدة . . . قدرتها على الإنجاب ، وهذا ما دفع الأقدمين الى الإعتقاد بأن إلاههم انثى ، أخذت على عاتقها مسؤولية الإخصاب ، والولادة ، والخضرة ، والوفرة ، والخير ، وكل شيء ينطوي على الفائدة . . فقال شاعرهم :

أينما كنتِ أو حللتِ بأرضٍ..

أو بلادٍ أحييتِ تلكَ البلادا

فلن تستقيم حياة الرجل بعيداً عن المرأة ، ولن يتعزز الكيان الإجتماعي أو يتعاضد دون أن تحتلّ المرأة فيه موضع القلب من الجسد . وقد دفعت المكانة السامية هذه ، العديد من المفكرين الى القناعة بأنّ العرب  في الأزمنة القديمة اتّبعوا نظام الأمومة .. فالعربي يتوق الى المرأة و يُشقى بها ويسعى الى مرضاتها ، إذ كانت لها القدرة على الفعل الحاسم والسلطان على الناس وعلى الأنواء والفصول والحياة والموت والخلود . . . ولم يشعر أحدٌ بالعيب من حب المرأة وقد ينسى الشاعر ألّافَهُ وسائر لذّاتِهِ إلّا المرأة .. وزهير بن ابي سلمى خير الشهود على ذلك :

وعن كلّ أخدانٍ وإلفٍ ولذّةٍ

               ◦سلوتُ وما أسلو عن ابنةِ مَدْلجِ

فكأنّ حياة الرجل موصولةٌ بحياتها .. يحيا بحياتها ويموت بموتها ورأى الجاحظ  أنّه « ما  مات أحدٌ في حبّ والديه ، أو ولده ، أو ثروته أو بيته .. كما رأيناهم يموتون من عشق النساء « فكان العربي آنئذٍ يصوّر المرأة وكأنها إلاهةٌ للجمال وأنّ النظر اليها كالنظر الى الماء المنساب أو الإكتحال بالأثمد .. ويبدو أنّ سلطانها يُنسي الرجل نفسه ، فتىً كان أم شيخا .. سيداً أم مسوداً ، حتى أنهم قالوا ( كلّ امرءٍ في بيته صبي ) ولم يقتصر سلطان المرأة على زمن ما قبل الإسلام بل امتدّ الى ما بعده من العصور ، فرغم غلظة الحجاج بن يوسف الثقفي وقسوته اللامحدودة ، قال « والله لربما رأيتني أقبّل رجل احداهن .. « .

باعث اول

والأفكار الحديثة تجعل للحياة منحيين ، منحى الحب ، وهو القلب ، واعتبروه الباعث الأقوى للإبداع في الشعر .. فدأبت قصائدهم بالإبتداء بوصف ديار الحبيبة وما بقي من أطلالها معبّراً عن رسوخها في الذاكرة .. وتشبيهها بالظبية أو الغزال.. أو الشمس ، أو القمر ، إذ توحي أعماقه أن المرأة أعظم من كل التشبيهات وأن اقترانها بالحياة متحدّرٌ من قدرتها الطبيعية على الإنجاب ، فهي مصنع الحياة ، والمحافظة على النوع ، فلا تدع العدم يحيق بالوجود . . . وقد أنكر الكثير من عرب ما قبل الإسلام الإستئثار بحق الإرث ، وعموماً أنهم عرفوا قدر المرأة وفضلها .. فهي الأم وهي الزوجة ، والأخت والحبيبة .. إنها أصل الإنسان .. فهي التي ولدته فهي الأم .. وقالوا : أم الكتاب : فاتحته ، وأم النجوم  : المجرّة ، وأم القرى : مكة وأم الرأس : الدماغ  ، وأم حائل : الناقة ، والأمومة أقرب الى النفس، من الأبوّة ، فهي منبت المحبة والرضا والسلام وقد انتسب بعض الشعراء الى امهاتهم .. قال لبيد :

-نحن بنو أم البنين الأربعة .. ونحن خير عامر بن صعصعة ..

-وقد شاعت بعض المفردات المؤنثة في اللغة، مثل البطن ، والفخذ ، والرحم . وما تركيز الأهتمام بالأم إلّا تعبير عن تركيز العناية بالمرأة ، فهي الحبيبة ، وأم العيال ، وعتبة الدار ورفيقة الحياة ، وصندوق الأسرار .. و ما أن أشرق الإسلام حتى وضع الجنة تحت أقدام الأم . أي أنها تحت أقدام المرأة ولا أحد سواها . فانتبهوا الى أنفسكم حين التعامل مع المرأة كي يعم الخير والرغد .

وفي تاريخ العراق المعاصر ، صدر قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959 الذي اعتُبِر القانون الأكثر تقدماً في الشرق الأوسط من حيث الحقوق التي أقرّها للمرأة تحقيقاً للعدالة .وما التعديل الذي جرى عليه مؤخراً إلّا محاولة للتلاعب بهذا القانون الذي صان الحقوق وثبّت العدل ، باتجاه تمييعه واغتياله!!! ولن تؤدي هذه الإجراءات إلّا الى إحداث الشروخ في البناء الإجتماعي ، بتكريس الطائفية المقيتة والإعتداء على حقوق المرأة .ولن يمضي وقت طويل عليها

، حتى يحلَّ يوم إلغائها وإنزال اللعنة على من أقرّها .


مشاهدات 102
الكاتب مسلم عوينة
أضيف 2025/11/11 - 12:45 AM
آخر تحديث 2025/11/11 - 3:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 145 الشهر 7435 الكلي 12368938
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير