الاستفادة للنائب والحسرة للناخب
خالد السلامي
من المعروف في كل العالم وخصوصا الديمقراطي منه أن التنافس الانتخابي يكون مبنيا على اساس مصلحة البلد والمواطن فيتسابق المترشحون في تقديم رؤاهم في كيفية الحفاظ على سلامة البلد والمجتمع والطريقة الأفضل لخدمته ومن المؤكد ان التنافس سيكون بإسم الحزب او الكتلة مجتمعة التي ينتمي إليها المترشح لا على اساس شخصي فالمرشح لا يمكنه التصرف او تقديم اي انجاز بدون كتلته او حزبه ولم نسمع عن اي تصرف ووعود شخصية من الأفراد المترشحين في العالم بمعزل عن حزبه او كتلته انما تكون البرامج الانتخابية للحزب او الكتلة هي عبارة عن وعود جمعية بينما نرى المترشح عندنا يتكلم ويَعِد اذا فاز وكأنه هو وحده من يصنع القرار وينفذ الوعود بدون الرجوع إلى كتلته . اما فيما يتعلق بالدعاية الانتخابية فلا اظن أن هناك دعاية في العالم تشبه دعاية مترشحينا بحيث لم نجد متر واحد في كل شوارع وجدران وازقة وأحياء ومدن البلد الا وامتلأ بعشرات البوسترات الدعائية بحيث صار صاحب السيارة في الطرقات العامة لا يرى مدخل الشارع المؤدي الى غايته لكثرة وضخامة صور المترشحين التي دمرت الأرصفة والشوارع وغيرها من مرافق البلد.
هذا عدا ساحة الحرب الالكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تبدأ قبل شهور من موعد الانتخابات بشحن الناخب طائفيا وعرقياً حتى يصل ذلك الشحن اللعين الى ذروته قبل يوم الاقتراع مما يؤدي الى حالة من التمترس والتخندق كلٌ حول مكونه بحيث يجعلك ذلك الانكفاء حول المكونات تشعر ان لا عودة للصلح بعد الانتخابات وكأنها ساحة حرب عسكرية فعلية بينما نرى كل تلك الكتل التي تثير الاحتقان في المجتمع تضم بين مرشحيها أناس من مختلف الاعراق والاديان والمذاهب وقد تتحالف الكتل من كل المكونات لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات وكأنهم لم يطلقوا شرارة ذلك الشحن قبل الانتخابات بعدة اشهر ومما يثير الاستغراب اكثر ان الناخب وما يسمون انفسهم بالمحللين من جميع الأطراف يعلمون هذا جيدا ومع ذلك يستمر الشحن ويُصدِّقهُ الكثير من الناس بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية.
وبعد انتهاء العملية الانتخابية واعلان النتائج وتشكيل الحكومة الذي قد يستغرق شهورا طويلة ويستمر معها التناحر والشحن الطائفي سيجلس قادة الفتنة وادواتها من كل الفئات تحت قبة البرلمان ويستريحون في كافتريته يتمتعون بامتيازاتهم بعد ان يحصل كل واحد منهم على مبلغ ثقيل جدا لتحسين الحالة مع ان اكثرهم كان قد حصل عليها عدة مرات مع مكافأة نهاية الخدمة ايضا بسبب تكرار فوزهم في كل الدورات السابقة بينما يحتاج الناس الذين انساقوا وراء فتنهم الى دهورا من الزمن لإزالة آثار الفتنة التي سببها شحن ما قبل الانتخابات وتشكيل الحكومة اي ان الناخبين سيبقون متخاصمين غارقين في الفتنة والفقر ونقص الخدمات بينما يتمتع الفائزون بصفاء وتفاهم وامتيازات يتمنى الفقراء الذين تم شحنهم فقط لو يشمون رائحة ما يتمتع به اولئك الفائزين من خيرات البلد.