الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
«صوفيا» للروائية الشابة نور ليث النعيمي


«صوفيا» للروائية الشابة نور ليث النعيمي

قراءة نقدية في التجربة الأولى

حمدي العطار

 

تعد التجارب الروائية الأولى بوابة الكتاب إلى عالم السرد بكل ما فيه من مغامرة وتحد وجدل فني. وغالبا ما تكشف هذه التجارب عن ملامح الموهبة وميولها الفنية، حتى وإن شابها شيء من التردد أو البساطة في البناء الفني. في هذا السياق، تأتي رواية «صوفيا» للكاتبة الشابة نور ليث النعيمي لتقدم حكاية عاطفية تحاول الغوص في مشاعر الغيرة والخيانة والحب من طرف واحد، لكنها تثير في الوقت ذاته بعض الملاحظات النقدية التي يمكن أن تثري تجربة الكاتبة مستقبلا.

التحليل النقدي

لا يمكن النظر إلى رواية صوفيا على أنها عمل بسيط فحسب، بل هي محاولة جادة لتأسيس صوت سردي أنثوي جديد. ومع ذلك، فإن بعض الجوانب الفنية تستحق الوقوف عندها:

أولًا: يبدو عالم الرواية غريبا نوعا ما، إذ تجري الأحداث في كندا وتدور بين شخصيات تحمل أسماء أجنبية مثل صوفيا، هنري، سيلين، أوليفر وغيرهم. هذا الخيار الفني لا يجد مبرره الدرامي المقنع، لأن السرد عادة ما يتوهج حين ينغمس في بيئة مألوفة للكاتب والقارئ على حد سواء. فالمكان ليس مجرد خلفية للأحداث، بل عنصر فاعل يمنح النص صدقيته وحرارته.

ثانيا: تحسب للكاتبة قدرتها على خلق تفاعل سردي بين شخصياتها، لكنها لم تعمق البعد النفسي في مشاعر الغيرة والخيانة والحب، إذ افتقر النص إلى تحليل دوافع الخيانة أو التناقضات النفسية للشخصيات. ولنا أن نستحضر مثال عطيل لشكسبير، حيث بنيت الحبكة على ثيمة بسيطة، لكن عبقرية الكاتب تجلت في رسم التحولات النفسية الدقيقة التي قادت إلى المأساة.

ثالثا: في الجانب الفني، تفتقر الرواية إلى بعض تقنيات السرد مثل الاسترجاع والاستذكاروفضاء المكان والزمان، كما يضعف فيها الوصف الذي يعد عنصراً أساسياً في بناء المشهد الروائي.

 كان من الممكن إثراء النص بالتفاصيل الصغيرة التي تمنح الشخصيات حياة أعمق وتجعل القارئ يتماهى مع أجواء الرواية.

رابعا: أما على مستوى اللغة، فقد جاءت بعض العبارات بسيطة ومباشرة إلى حدّ التقريرية، مثل قولها: «تتأمل حبيبها بعينيها السوداء»، وكان يمكن أن تكون الجملة أكثر بلاغة لو اكتفت الكاتبة بقولها: «تتأمل حبيبها بلهفة»، فالإيحاء أبلغ من الوصف الحسي المباشر.

الخاتمة: في المحصلة، تعد رواية صوفيا خطوة أولى مبشرة في مسار كاتبة شابة تمتلك حسا سرديا واضحا، لكنها تحتاج إلى مزيد من العناية بتقنيات الكتابة والبيئة السردية والتعمق النفسي في الشخصيات. ومع بعض النضج والتجريب، يمكن أن تكون نور ليث النعيمي واحدة من الأصوات الروائية الجديدة التي تستحق المتابعة في المشهد الأدبي العراقي والعربي.

 


مشاهدات 104
الكاتب حمدي العطار
أضيف 2025/11/11 - 12:45 AM
آخر تحديث 2025/11/11 - 3:58 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 150 الشهر 7440 الكلي 12368943
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير