ثقافة العروبة والإسلام

رسالة الحسن 

تظل العروبة والإسلام معًا حجر الزاوية في تشكيل هوية شعوبنا، حيث جمعت الأولى اللسان والتاريخ، ومنح الثاني الروح والمبادئ. هذا التلاحم صنع حضارة أغنت الإنسانية علمًا وفكرًا وقيمًا. واليوم، وبين تحديات التفرّق وضغوط العولمة، يبقى الرهان الحقيقي في استعادة هذا التكامل الثقافي والروحي، لبناء مشروع حضاري معاصر يجمع ولا يفرّق، ويُجدّد دور الأمة في مسرح التاريخ.

تاريخ معاصر

فثقافة العروبة والإسلام تمثل إحدى أهم الجدليات الفكرية في التاريخ العربي المعاصر، إذ اجتمع فيها البعد القومي مع البعد الديني لتشكيل هوية حضارية امتدت قرونًا.فالعروبة: ليست مجرد انتماء لغوي أو عرقي، بل هي رابطة ثقافية وحضارية جمعت شعوبًا متعددة في نطاق جغرافي واسع، حيث أصبحت اللغة العربية وعاءً للفكر والإبداع، وأساسًا لتواصل سياسي وثقافي عبر التاريخ.

والإسلام: شكّل عاملًا روحيًا وتشريعيًا تجاوز الحدود القومية، لكنه في الوقت نفسه منح اللغة العربية مكانة محورية باعتبارها لغة القرآن الكريم، مما جعل الإسلام معزّزًا للعروبة ومنحها عمقًا عالميًا.أن التكامل بين  العروبةحيث  قدّمت الوعاء الثقافي، والإسلام قدّم الروح والمبادئ، ومن خلال هذا الاندماج ظهرت حضارة عربية-إسلامية امتدت من الأندلس حتى الهند، جمعت بين الفلسفة والعلم والأدب والفكر السياسي.

أن الإشكالية المعاصرة اليوم يتأرجح النقاش بين من يرى في العروبة إطارًا قوميًّا جامعًا، ومن يرى في الإسلام رابطة أوسع تتجاوز القومية، في حين يدعو آخرون إلى مقاربة تكاملية تستفيد من البعدين معًا لتوحيد الطاقات وبناء مستقبل حضاري جديد.

فلم تكن العروبة والإسلام عبر التاريخ مجرد إطارين منفصلين، بل مثلّا ركيزتين أساسيتين لبناء الهوية الحضارية لشعوب المنطقة. فالعروبة، بما تحمله من لغة وتاريخ ورابط اجتماعي، شكّلت الأرضية الثقافية التي وحّدت الجماعة العربية وأعطتها طابعها المميز. بينما جاء الإسلام ليضفي على هذه الأرضية بعدًا روحيًا وتشريعيًا، تجاوز حدود القبيلة والقومية ليمنحها أفقًا عالميًا. وأسهم هذا التداخل في صناعة حضارة عربية–إسلامية مزدهرة،كما اسلفنا وكان فيها العرب حملة اللغة والوعاء الثقافي، وكان الإسلام الدافع الذي أطلق مسيرة الفكر والعلم والعدل. ولم يكن هذا التلاقي مجرّد إضافة، بل اندماجًا أنتج مزيجًا فريدًا حمل رسالة إنسانية واسعة.

ثقافة العروبة

إن استعادة فاعلية ثقافة العروبة والإسلام لا تكون باستدعاء الماضي فحسب، بل بقدرة العرب والمسلمين على توظيف إرثهم المشترك في بناء مشروع حضاري معاصر، يتجاوز الخلافات ويواجه تحديات العصر بوعي وحدوي، ثقافيًا وسياسيًا وروحيًا.