الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حرية الصحافة في العراق..  الحاجة الموثّقة الأخيرة قبل أن تخمد الأصوات

بواسطة azzaman

حرية الصحافة في العراق..  الحاجة الموثّقة الأخيرة قبل أن تخمد الأصوات

دعاء يوسف 

 

في السنوات الأخيرة، تحولت حرية الصحافة في العراق إلى مساحة ضيقة، محاصرة بالتهديدات والدعاوى القضائية ومحاولات إسكات الأصوات الناقدة. هذه الحرية التي لطالما وُصفت بأنها «المتنفس الأخير للمجتمع»، أصبحت اليوم بحاجة إلى إنعاش عاجل، بعد أن تكاثرت القيود حتى صارت أشبه بحبال تلف حول أعناق الصحفيين والصحفيات.

الصحفية م.ع، التي تعمل في مجال الإعلام الاستقصائي، تقول:

«لم يعد الأمر يقتصر على الرقابة غير المباشرة. اليوم، عندما تحاولين فتح ملف حساس، تواجهين مباشرة دعاوى قضائية أو تهديد صريح. هناك جهات لا تريد أن تُكشف الحقائق، وتستخدم كل الوسائل لإسكاتك

ضغوط مضاعفة

الأمر يزداد قسوة حين تكون الصحفية امرأة؛ فإلى جانب المخاطر العامة التي يتعرض لها الصحفيون من مضايقات أو اغتيالات، تواجه الصحفيات ضغوطاً مضاعفة. فالمجتمع في كثير من الأحيان لا يقف معهن، بل يضاعف عليهن العبء، كما تؤكد الصحفية س.ر:

«نحن النساء ندفع الثمن مرتين: مرة لأننا نكتب وننتقد، ومرة لأننا نساء يرفض البعض أصلاً وجودهن في هذا المجال. لذلك، التحرش، الإساءة، وحتى التشويه العلني لشخصيتنا أصبح جزءاً من الضغوط اليومية

بين الاغتيال والدعوى القضائية

منذ عام 2019، سُجلت سلسلة من عمليات الاغتيال والاختطاف استهدفت ناشطين وصحفيين حاولوا نقل صوت الشارع. هذه الحوادث تركت أثراً عميقاً في الوسط الإعلامي، حيث صار كل صحفي يفكر ألف مرة قبل نشر أية مادة.الصحفي ع.س يصف الأمر قائلاً:«حرية الرأي لم تُقيد بالقانون فقط، بل بالخوف. اليوم، هناك رقابة ذاتية يمارسها الصحفي على نفسه لأنه يعرف أن أية كلمة قد تضعه في مواجهة غير متكافئة مع جهات نافذة. أصبحنا نعيش في معادلة: تكتب، إذن أنت مهدد

القضاء كسلاح تكميم

الدعاوى القضائية باتت وسيلة جاهزة لإخافة الصحفيين. التهم تُفصَّل تحت عناوين فضفاضة مثل «الإساءة إلى رموز الدولة» أو «تهديد السلم المجتمعي». وفي حالات كثيرة، يكفي نشر مقال أو تغريدة لتصبح الصحفية عرضة للاستدعاء والتحقيق.

الصحفية ن.ك تروي تجربتها:

«كتبت تقريراً عن الفساد في إحدى المؤسسات، لم أذكر أسماء، لكنني فوجئت بدعوى قضائية مرفوعة ضدي. ما زلت أتنقل بين المحاكم، وأصبحت أتحاشى الكتابة عن أي موضوع حساس، حفاظاً على عائلتي

الحاجة الموثقة

كل هذه الشهادات والوقائع تجعل من حماية حرية الصحافة اليوم حاجة ملحة، وليست مطلباً ترفياً. فالصحافة الحرة ليست فقط حقاً للصحفي، بل هي الضمانة الأخيرة للمجتمع لمعرفة الحقيقة. وإذا ما أُخمد هذا الحق، فلن يبقى سوى صوت واحد، صوت القوة المهيمنة، بينما تختفي كل الأصوات الأخرى.

الصحفية ه.ج تلخص المشهد بقولها:«إذا أغلقت آخر نافذة للصحافة، فسنعيش في عتمة كاملة. نحن الآن في سباق مع الزمن، إما أن نحمي حرية الرأي والصحافة بالقوة، أو نخسرها إلى الأبد

 

 

 

 


مشاهدات 34
أضيف 2025/10/24 - 8:37 PM
آخر تحديث 2025/10/24 - 11:10 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 571 الشهر 16439 الكلي 12156294
الوقت الآن
الجمعة 2025/10/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير