قاعدة احترام الموظف للمواطنين وإنجاز معاملاتهم
عماد يوسف خورشيد
الثابت أن القيم الإنسانية هي المحرك لسلوك الإنسان نحو بناء مجتمع قائم على الاستقرار. فالقيم هي المحركات الداخلية الصامتة في داخل نفس الإنسان التي تعمل في سكينة بدون ضجيج وبلا كلل ولا ملل لتصوغ ضميرًا حيًا. ومن أمثلة القيم: الصدق، الرحمة، العدل، الاحترام، التسامح، الشجاعة، والأمانة، بالإضافة إلى الإحسان، الكرم، المساواة، جبر الخاطر... إلخ. انظر: (د. عماد يوسف خورشيد، ما هي القيم الإنسانية؟، مقالة منشورة في صحيفة الزمان/ العراق بالعدد 8269 في 27/ 8/ 2015، وللاطلاع التفضل بمسح الباركود ).
ومن القيم التي نقف عندها في هذه المقالة: قيمة الاحترام التي يلزم أن يتحلى بها الموظف تجاه المواطنين، ولكن نرى قبل ذلك يتطلب توضيح بعض المفاهيم التي تتعلق بالوظيفة لتتضح الرؤى أكثر لدى الموظفين – حديثي التعين- في الموضوع منها: الوظيفة العامة، والتي يقصد بها: تكليف وطني وخدمة اجتماعية يستهدف القائم بها المصلحة العامة وخدمة المواطنين في ضوء القواعد القانونية النافذة. انظر: (المادة 3 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 114 لسنة 1991 المعدل النافذ). وكذلك مصطلح الموظف الذي يُعرّف بأنه: "كل شخص عُهدت إليه وظيفة داخل ملاك الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة". (المادة 1/ ثالثًا من القانون أعلاه).
وجدير بالذكر أن القانون غايته تنظيم الحياة، ولا مراء من ان الحياة تنتظم وتستقيم بتطبيق القيم الإنسانية، ولأهمية ذلك أكد المشرع العراقي على ضرورة حماية وتطبيق قيمة الاحترام في المادة 4 / خامسًا من قانون انضباط موظفي الدولة أعلاه، والتي نصت على ضرورة "احترام المواطنين وإنجاز معاملاتهم".
وبناءً على ما تقدم، يلتزم الموظف في أن يعامل المواطنين معاملة لائقة، وهو في مقام تقديم خدمة وطنية لهم، ومعلوم انه مقابل راتب يتقاضاه من ميزانية الدولة، وإنجاز احتياجات المواطنين وفق القوانين والتعليمات والأنظمة، بحيادية ونزاهة مع الكافة. فلا يجوز أن يتسامح مع بعض ويتشدد مع البعض الآخر لاعتبارات شخصية، أو بناءً على هوى شخصي. (د. عثمان سلمان غيلان العبودي، أخلاقيات الوظيفة العامة، دون مطبعة، الطبعة الأولى 2011، ص 200).
وإذا وُجد في القانون مادة قانونية تمنح السلطة التقديرية للموظف، فيجب أن يكون تفسيره فيما ينفع المواطنين أو الموظفين، وليس التعسف في استعمال الحق الذي منحه القانون إياه، فهذا مخالف لروح القانون والقيم الإنسانية، وبالتالي تنهض مسؤوليته القانونية حسب الواقعة المخالفة لنص القانون.
والثابت أنه يقع على عاتق مدير الدائرة توزيع الموظفين إلى الاقسام والشعب والوحدات حسب الحاجة الفعلية، وتثبيت القيم الإنسانية فيما بينهم عند التعامل فيما بينهم وبين المراجعين، لتجنب وقوع ضغط العمل على موظف أو عدد منهم دون الآخر، وصولًا لتحقيق غاية الوظيفة العامة في انجاز معاملات المواطنين، وتعزيز الصورة الإيجابية للدولة بإعتباره مرآة للمؤسسة التي يعمل بها، وسلوك تعامله مع الزملاء والمراجعين يعكس توجه الدولة في التعامل مع المجتمع، ولذلك يجب أن يكون الموظف حاملًا لقيمة الاحترام لحفظ كرامة المراجعين والزملاء في الوظيفة.
ومن صور تطبيقات الاحترام في الوظيفة العامة:
1- استقبال الموظف للمراجعين بشكل حسن ومثاله: رد السلام، أهلا وسهلا، تفضل، حضرتك ...
2- الإنصات الجيد للمراجع لفهم طلبه.
3- الرد بشكل لبق ولياقة قدر الإمكان عند التحدث مع المراجعين والزملاء، دون صراخ أو التلفظ بكلمات بذيئة.
4- معاملة المراجعين وفق قيمة العدالة دون تمييز عند استخدام السلطة التقديرية أو عند تطبيق نص القانون، فالوظيفة أمانة، والأمانة تصان.
5- تقديم المساعدة للمراجعين وإرشادهم إلى الخطوات الصحيحة لإنجاز معاملتهم.
6- الحفاظ على سرية الوثائق، وعدم الحديث عن خصوصية المواطنين أمام الآخرين.
7- الاعتذار عن الخطأ: فالخطأ وارد وتصحيح الخطأ واجب. أما العناد فلا يعود بالخير على صاحبه أبدًا.
8- التواضع في التعامل مع المراجعين.
9- عدم التعسف عند استخدام السلطة التي منحها القانون له.
وخلاصة القول، أن الوظيفة العامة وُجدت من أجل تقديم أفضل الخدمات للمواطنين وإنجاز معاملاتهم بما يحفظ كرامتهم، ولتحقيق ذلك يلزم الموظف بأن يتحلى بالقيم الإنسانية، والتي تعد عماد الحياة الاجتماعية ومنها: قيمة احترام الآخرين، ولأهميتها أسبغ القانون حمايته على تطبيق هذه القيمة -كما تبين أعلاه- وكيف لا وقد كرم رب العالمين – سبحانه وتعالى- الإنسان وذكر ذلك في محكم كتابه: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" سورة الإسراء آية 70. وتأسيسًا على كل ما تقدم، ضرورة احترام الموظف للمواطنين وتسهيل إنجاز معاملاتهم وفق القانون، وهو احترام متبادل ويلتزم به المراجعون أيضًا. وفي حال حصول تقصير أو تجاوز من المراجعين او الموظفين عند تنفيذ غاية الوظيفة العامة فالطرق القانونية كفيلة لمعالجة ذلك، وهو ما سنبحث توضيحه في مواضيع قادمة.
الجامعة التقنية الشمالية/ كلية البوليتكنك كركوك