احترام الرأي والرأي الآخر

مشتاق الربيعي

من المؤسف أن بعض الناس ما زالوا يفتقرون إلى ثقافة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر.

فالاختلاف في وجهات النظر لا ينبغي أن يكون سببًا للعداوة أو القطيعة، بل يجب أن يكون دافعًا لتبادل الأفكار وتوسيع المدارك، وتقبل أن لكل شخص وجهة نظر قد تحمل جزءًا من الحقيقة.

غير أن ما نراه اليوم في كثير من الحوارات، سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو عبر وسائل الإعلام المختلفة، يدعو للأسف الشديد؛ إذ يتحوّل النقاش في كثير من الأحيان إلى ساحة للشتائم والتجريح بدلًا من أن يكون ساحة للفكر والحوار البنّاء.

ويُظهر هذا ضعفًا واضحًا في ثقافة التعامل مع الرأي المخالف، حيث تُقدّم المشاعر على العقل، ويحلّ الصراخ مكان النقاش الهادئ.

وبين الحين والآخر، نشهد من بعض المسؤولين أو من المتصدين للمشهد السياسي العراقي تبادل الشتائم والعبارات الجارحة على الهوى،

وقد ظهر ذلك بشكل واضح في العديد من البرامج التي تُعرض عبر المحطات الفضائية،

مما يعكس للأسف ضعف الثقافة الحوارية واحترام الرأي الآخر حتى في أعلى المراتب القيادية،ويزيد من انقسام المجتمع ويزرع الكراهية بدلًا من التفاهم، وهو ما يجب العمل على تغييره على مستوى الفرد والمجتمع والسياسة.

إن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية،بل هو دليل على تنوّع العقول واختلاف زوايا النظر.

ولو تشابه الناس جميعًا في آرائهم لما كان هناك تطوّر ولا إبداع،ولا مكان للأفكار الجديدة التي تصنع الفارق في المجتمع.

علينا أن نتعلّم كيف نحاور بعقلٍ مفتوح،وأن نوسّع صدورنا لكل رأي، حتى وإن خالفنا،

لأن سعة الصدر هي أول علامات النضج،ولأنّ الكلمة الهادئة أقوى تأثيرًا من أي صراخ أو إساءة،وقد تكون سببًا في كسب قلب أو عقل بدلًا من فقدانه.

فليكن هدفنا من الحوار  هو الفهم لا الانتصار، ومن الحوار هو التقارب لا الخصام،

حتى نصنع مجتمعًا راقيًا يحترم الإنسان والفكر والرأي المختلف، ويزرع ثقافة الاحترام والتعايش، سواء بين المواطنين العاديين، أو بين من يتصدرون المشهد السياسي العراقي

وفي النهاية، احترام الرأي الآخر ليس خيارًا بل واجبًا إنسانيًا، يساعدنا على بناء جسور من التواصل والفهم، ويجعل اختلافنا مصدر قوة لا ضعفًا، ويؤكد أن الحوار هو الطريق الأمثل لأي مجتمع يسعى للتقدم والاستقرار