حاجتنا الى ثقافة الاحترام
وليد عبدالحسين
يتداول العراقيون أثناء خلافاتهم وتجاوز الآخر عليهم عبارة "احترم نفسك" وهي عبارة على جزالتها عظيمة المعنى والأثر، مفادها أنت الذي تتجاوز على غيرك بقول أو فعل، فإن تجاوزك مدعاة لتجاوز الآخرين عليك، لذلك احترم الآخر حتى يحترمك الآخر أيضا.
وأستطيع القول إن مواقع التواصل الاجتماعي كشفت لنا عن ظاهرة غير صحية في مجتمعنا العراقي ويقينا تشبهها ظواهر في مجتمعات أخرى، غير أننا نتحدث عن مجتمعنا الذي نعيش فيه، ألا وهي ظاهرة عدم احترام الآخر ومهاجمته بأقذع الألفاظ والاتهامات واستسهال ذلك لكل من اقتنى جهازا ذكيا وعمل له موقعا مهما كان الفارق العلمي أو الاجتماعي بين الاثنين!
وأعتقد أن تعلم ثقافة الاحترام أولى من تعلم أي ثقافة أخرى بما في ذلك العلم والمعلومات، فما قيمة علمك وأنت غير محترم وتتجاوز ببذاءة على صاحب الرأي الذي يخالفك!
الاختلاف جزء من طبيعة أي إنسان، فلكل منا ذوقه في الملبس والمأكل والرأي والعقيدة والعمل والصلات الاجتماعية وغير ذلك، وهذه الاختلافات من السنن الكونية اللازمة لديمومة الحياة، فلا حياة لبشر متفقين في كل شيء، إذ ستبور كثير من الحاجات ويتقاتل الجميع على حاجة واحدة!
لذا أن نختلف هذا شيء طبيعي ولازم لبشريتنا، أما أن نحول خلافنا إلى عراك وسباب وقذف واتهامات وتسقيط، فهذا دليل على مغادرة آدميتنا إلى المرتبة الحيوانية!
فلا أسيء لأحد إذا قلت إن كل من يختلف مع صاحب رأي ويمارس تجاهه السب والقذف والإساءة فهو حيوان، بل الحيوان أفضل منه في كثير من فوائده، لذا عبر القرآن في أكثر من موقف "إن هم كالأنعام بل أضل سبيلا"، فيا أيها العراقيون يا رواد مواقع التواصل الاجتماعي عليكم باحترام بعضكم بعضا، لا تنقلوا ألفاظكم البذيئة وإساءاتكم المقززة من الشارع والمقاهي والأماكن الخاصة إلى هذا الفضاء الواسع لأنه يتابعكم الملايين من داخل وخارج العراق وهي صورة قبيحة عنكم أمام الآخر، من حقك أن يكون لك رأي وتوجه خاص بك، ولكن من حق الآخر أن يكون له مثله وإن اختلف عنك، فهل تمتلك أنت عقلا ذهبيا فأصبت كبد الحقيقة وعقل الآخر فضيا قصر في وصولها مثلك!
احترم نفسك كما نطلقها دون انتباه كي يحترمك الآخرون وتسود ثقافة الاحترام ولا يخسر أحدنا الآخر.
محام