باحثة: إدراج المناسبة ضمن قائمة الحصر الوطنية للتراث الثقافي
الحضرتان الحنفية والقادرية تكتظّان بحشود الزائرين لإحياء المولد النبوي

بغداد - ندى شوكت 
           - انعام العطيوي

اكتظ محيط الحضرتين الحنفية والقادرية في بغداد، بالزائرين القادمين من المحافظات لإحياء المولد النبوي الشريف، وسط دعوات إلى الوحدة والتلاحم بين مكونات الشعب. وتتميز احتفالات العراقيين بالمولد النبوي، العادات والتقاليد الشعبية المتوارثة التي تضفي على المناسبة طابعاً خاصاً، ففيها تقوم العائلات بتحضير أنواع معينة من الطعام وتوزيعه بين الجيران، في بادرة تعزز روابط المحبة والتكافل الاجتماعي. من أشهر هذه الأطباق الزردة، وهي حلوى شعبية ترتبط بالفرح في الموروث العراقي. وتتكون الزردة من الأرز والسكر وماء الورد والزعفران والهيل، ويمكن تزيينها بالقرفة والمكسرات. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى اللون الأصفر في اللغة الفارسية، وهو لون الزعفران الذي يصبغ الحلوى بلونه الذهبي المتميز. وتُعد أجواء الأعظمية خلال المولد النبوي فريدة من نوعها. فمنذ الصباح الباكر، تكتظ شوارع المدينة وأزقتها بالمشاة، وتتلاشى حركة المركبات تماماً. وتنتعش الأسواق والمحلات التجارية، وتتحول المنطقة إلى مهرجان شعبي كبير. وتبدأ الطقوس الاحتفالية عند غروب الشمس، حيث تقوم العائلات المحتفلة بإيقاد الشموع حول منازلها وأمامها، وتوزيع حلوى المولد التي يطلق عليها محلياً زردة النبي. كما تستمر الاحتفالات والصلوات والمناقب النبوية إلى أذان صلاة الفجر، في ليلة تتزين فيها المدينة بالأنوار. وفي الموروث البغدادي، كانت تُقام مجالس خاصة تسمى المولود، يحييها قراء ومداحون مشهورون. وهذه الجلسات كانت تُقام في بيوت بعض العائلات أو في الجوامع، ويسودها اجواء من الفرح والسرور، تُقدم خلالها الأكلات التقليدية مثل الزردة والحليب، بالإضافة إلى العصائر والحلويات البغدادية مثل الزلابية والبقلاوة، بينما يرتدي الأطفال الملابس البيضاء، تعبيراً عن البراءة والفرح. ولا تقتصر هذه الاحتفالات لا على بغداد وحدها، بل تشمل محافظات أخرى مثل نينوى والبصرة وديالى وكركوك، بالإضافة إلى مدن مثل الفلوجة وسامراء. وتتنوع الفعاليات في هذه المحافظات، لتشمل إقامة معارض فنية لذوي الاحتياجات الخاصة، وعروض إنشاد ديني، وقصائد شعرية، ومجالس ذكر تستحضر السيرة النبوية العطرة. وبحسب الباحثة إنعام العطيوي من مركز حماية التراث الثقافي بوزارة الثقافة، فإن العراق، ادرج احتفالية المولد النبوي الشريف، ضمن قائمة الحصر الوطنية للتراث الثقافي غير المادي، تكريمًا للممارسات الاجتماعية والطقوس الفريدة المرتبطة بها، التي تتضمن الاحتفالات الدينية والشعبية، وتوزيع الحلويات وتزيين الشوارع والمراقد الدينية، وإقامة المهرجانات والندوات التعليمية والثقافية. وقالت العطيوي أمس إن (الوزارة ومركز حماية وصون التراث الثقافي، يسعيان لحماية هذا التراث، وتوثيقه وفق اتفاقية اليونسكو 2003 واستراتيجية 2019، مع ضمان استمرار الممارسات الاجتماعية والنشاطات التربوية والإعلامية المرتبطة بالمناسبة، لتعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي بين مختلف المذاهب والطوائف في البلاد)، وأضافت إن (الاحتفالية تتميز بالممارسات التراثية مثل المدائح النبوية والمقامات العراقية وحلوى الزردة، وتعد منصة للعطاء والتبرعات ودعم المحتاجين، لتكون نموذجًا حيًا للتكافل الاجتماعي والتنمية الثقافية والاجتماعية والأمن القومي). وأطلق ديوان الوقف السني، حملةً واسعةً استعدادًا للذكرى، تضمنت المظاهر الاحتفالية التي يمكن ملاحظتها في كل مكان، من تزيين الشوارع وتعليق اللوحات الضوئية الملونة والزينة في الأحياء والمناطق الرئيسة والفعاليات الدينية والفكريّة والثقافية، التي تشمل إقامة المحاضرات والأمسيات والمجالس الدينية التي تُعنى بالإنشاد والمدائح النبوية. وأوضح الناطق باسم الديوان عبد الله النعيمي أمس إن (الاحتفال المركزي سيُقام مساء يوم غد في ساحة جامع أبي حنيفة النعمان بمنطقة الأعظمية، بمشاركة وفود من علماء وممثلين عن الوقفين السني والشيعي، في دلالة على وحدة الصف والتآخي بين أبناء الشعب، كما ستقام فعاليات موازية في جوامع تاريخية أخرى، مثل جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني وجامع الشيخ معروف الكرخي). ودخلت خطة قيادة عمليات بغداد بشأن تأمين الاحتفال بالمولد، حيز التنفيذ. وأكد قائد العمليات الفريق الركن وليد خليفة التميمي في تصريح أمس (جاهزية القوات الأمنية لتأمين الأجواء الآمنة للمواطنين، وضمان انسيابية حركة المرور في بغداد)، مشدداً على (التنسيق الكامل مع الجهات الخدمية لتسهيل مشاركة الجميع في هذه المناسبة).  وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، قد قررت تعطيل دوام اليوم الخميس، فيما أعلنت حكومة إقليم كردستان، عطلة رسمية في دوائرها لنفس اليوم.