منظمات دولية تحذّر من شرعنة القمع وفرض قيود على الحريات:
البرلمان يغامر بحقوق الإنسان عبر مشروع قانون مثير للجدل
بغداد - قصي منذر
وجّهت منظمات دولية، تحذيرات إلى البرلمان العراقي، الذي يناقش مشروع قانون مثير للجدل يعتقد إنه يمهد لشرعنة القمع وفرض قيود صارمة على الحريات العامة، معتبرة إن تمريره يُعدّ مغامرة صريحة بحقوق الإنسان، وتراجعاً خطيراً عن التزامات العراق الدستورية والدولية. وقالت منظمة العفو الدولية في بيان أمس إن (مجلس النواب العراقي من المقرر أن يناقش قانوناً جديداً قد يفرض قيوداً غير مبررة على حرية التعبير والتجمع السلمي)، وأشار إلى إن (القانون المقترح يهدد بمزيد من تقييد الفضاء المدني، ويضفي الطابع الرسمي على ممارسات القمع المتزايدة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة).
نص قانوني
وأوضح البيان إن (عملية إعداد مشروع القانون جرت في أجواء من السرية، دون مشاورات حقيقية مع المجتمع المدني)، محذّراً من إن (عدم الشفافية في هذا المسار التشريعي يُنذر بفرض مزيد من القيود، ولاسيما وأن النص القانوني لا يوفّر ضمانات فعلية لحماية الحريات الأساسية)، وشدد البيان على القول إن (مشروع القانون كان قد خضع لقراءتين سابقتين في البرلمان، الأولى بتاريخ 3 كانون الأول 2022، والثانية في 9 أيار 2023، وسط اعتراضات من منظمات حقوقية وأطراف في المجتمع المدني، التي حذّرت من أن القانون قد يُستخدم لتجريم الاحتجاجات السلمية والنقد العلني للسلطات)، داعياً مجلس النواب العراقي إلى (إعادة النظر بالنصوص المطروحة، وحذف أي بنود أو تعابير فضفاضة مثل الإخلال بالآداب العامة أو المساس بالنظام العام، التي يمكن تأويلها بطرق تُتيح إسكات الأصوات المعارضة)، وطالب البيان بإن (يتوافق أي قانون جديد مع المادتين 38 و39 من الدستور العراقي، ومع التزامات العراق في إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). من جانبها، اوضحت الباحثة في شؤون العراق رزاوز صالحي إن (على النواب التصويت ضد أي تشريع يضيف أدوات جديدة للسلطات تقوّض حرية التعبير أو التجمع) على حد قولها، مؤكدة إن (مشروع القانون بصيغته الحالية يتعارض مع التزامات العراق الدستورية والدولية)، وأشارت الصالحي إلى إن (الصحفيين والنشطاء في العراق يواجهون بالفعل تهديدات ومضايقات واعتقالات تعسفية، على خلفية تعبيرهم عن آراء مشروعة) على حد تعبيرها، وجددت تأكيد إن (السلطات تعتمد على مواد غامضة في قانون العقوبات مثل التشهير والمساس بالنظام العام لقمع الأصوات المعارضة). وأصدرت لجنة حقوق الإنسان النيابية، بيانا أوضحت فيه أن (مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، لا يحد من التظاهر، بعد إجراء تعديلات عليه وإلغاء الفقرات التي تتضمن عقوبات جزائية وأخذ موافقات، فضلا عن تغيير أسمه، للحفاظ على حرية التعبير)، مشددة على إن (حرية التعبير والتظاهر السلمي مكفولة دستورياً وفق المادة 38 من الدستور العراقي)، ولفت إلى إن (القانون الجديد يهدف إلى حماية هذه الحقوق وتعزيزها بما يتوافق مع المعايير الدستورية).
انتقادات عديدة
ويتضمن جدول أعمال جلسة البرلمان المقررة امس، التصويت على مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي، بالإضافة إلى عدة قوانين أخرى تتعلق بالاقتصاد والتعليم والأمن. ويعود تاريخ هذا القانون إلى عام 2010، حيث طُرح لأول مرة في البرلمان بغرض التشريع، لكنه واجه انتقادات عديدة أسهمت في ترحيله. ثم أُعيد فتح الملف مجددا عام 2016، ليصطدم بالعقبات ذاتها. وقد يضع إقراره بصيغته الحالية، العراق في حرج أمام التزاماته بالمواثيق الدولية، ما يجعله اختبارا حقيقيا لمدى التزام السلطة التشريعية باحترام الحقوق والحريات. ويأتي هذا الجدل في وقت يشهد فيه مجلس النواب اضطرابًا واضحًا في عقد جلساته، أدى إلى تعطيل كبير في الأداء التشريعي والرقابي. ويعكس هذا التعطيل المستمر، الذي تغذيه الخلافات بين الكتل، أزمة ثقة بين الشارع والمؤسسة التشريعية.