المثقف العراقي ووجع المدن العتيقة
جبار المشهداني
القادمون من مجرة الوجع من عراق المواويل الحزينة والعتابا والمتخم قصصا وروايات أبطالها متوجين بعذابات متفردة وغير مسبوقة يشعر بالطمأنينة في تونس الإكتشاف والدهشة وتعيد جراحات روحه ترميم ما تبقى من مساحة تقبل بالفرح القرطاجي الشفيف.
حين يعود إلى شوارعها ومقاهيها يشعر بحنين غريب يعرفه المتنقلون عنوة بين شوارع المدن العتيقة تحديدا ، فشوارع المدن المراهقة التي لم تنضج بعد تتشابه من حيث النظافة وفخامة السيارات وعطور المارة أما شوارع الحنين في تونس ودمشق وبغداد والقاهرة فهي أمهات ذكريات الموجوعين وهم يتنقلون بين حضن المدينة الأم الى رحاب خالاتهم الشوارع باحثين عن ما يعوضهم من عطر فريد .
وجع صديقي الصحافي الكبير كرم نعمة يعكس حجم ( تونسيته ) مثلما يعكس حجم ( دمشقية ) مظفر النواب و ( قاهرية ) داود الفرحان و ( بيروتية ) جواد الأسدي فيما تلوع في صدورهم بغداد بكل غناها وخمرتها وخيل عرباتها المحجلة .
أهي اللوعة والإغتراب؟ أم هو الحنين لخطى مفقودة شابت على أسفلت الشوارع وإنتظار الياسمين ؟ .