الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الكل يريد أن يدخل البرلمان

بواسطة azzaman

الكل يريد أن يدخل البرلمان

علي أحمد الزبيدي

 

(حين يتبدّل شكل المسؤول... ولا يتبدّل حال الوطن) يروي أحد الأشخاص أن مسؤولًا مهمًا في الدولة العراقية، حينما تبوأ منصبًا رفيعًا وحصل على الجاه والامتيازات والمغريات، عاد ذات يوم إلى منزله وهو في ذروة سلطته، فرأى زوجته عابسة الوجه. فسألها عن السبب، فقالت له بصراحة:

«لا تلف ولا تدور... المنصب يغيّر، وأنا لا أسلم من نواياك! فلك أن (تزرع شعر)، أو تُجري (تجميلًا)، أو تغيّر مظهرك كما تشاء، لكن أن تتزوج بأخرى فهذا غير مسموح لك..!».هذه الحكاية ليست غريبة، فمثل هذه التصرفات تكاد تكون شائعة بين كثير من المسؤولين؛ إذ إن المنصب في العراق له «طعم خاص» لا يضاهيه شيء، خاصةً لدى أولئك الذين لم يكونوا يحلمون حتى بوظيفة بسيطة، فإذا بهم يصبحون وزراء أو رؤساء أو أصحاب قرار ومسؤولية.القدر جعل من هؤلاء نموذجًا للإيديولوجية المشوّهة في هذا البلد، الذي يسير فيه كل شيء بالعكس..!كيف لمواطن بسيط يعمل في أقسى الظروف ويكابد ضغوط الحياة، أن يرى وجوهًا «صفراء» صعدت على أكتافه أو بأصواته الانتخابية، أو عبر سياسات أوصلت كثيرين إلى أماكن لا يستحقونها؟

ونحن اليوم على أعتاب انتخاباتٍ برلمانية جديدة، ظنّ الشعب أنها لن تُجرى، وتمنّى أن تُحدث تغييرًا حقيقيًا، أو على الأقل أن تُبدّل تلك «الوجوه» التي تبوأت المناصب منذ أكثر من ربع قرن، ولم تقدّم للشعب سوى الفتات، بينما التهمت هي وأبناؤها وأتباعها «اللقمة الدسمة».أستغرب كثيرًا من الحملات الانتخابية التي شوّهت الشوارع والأزقة والطرقات، ومن فرح الناس بتعليق صور المرشحين، ومن تلك الدعايات الفاضحة التي يُطلّ بها بعضهم على الجمهور، يوزّعون الوعود يمينًا ويسارًا، وبعضهم كان حتى الأمس يهاجم السياسيين وينتقد أداءهم، فإذا به اليوم في قوائمهم الانتخابية!تلونٌ غريب..! ومنهم من كان يلتقي الناس بصفته إعلاميًا ينقل شكاواهم، فأصبح اليوم مرشحًا لقائمة سياسية كان الناس أنفسهم يشتكون منها!

رجال اعمال

أما «الموديل الجديد» في هذه الانتخابات، فهو دخول رجال الأعمال إلى المعترك السياسي، والغاية واضحة: حماية أموالهم أولًا، ثم إذا فازوا صاروا زعماء وقادة وأصحاب أحزاب، كما فعل من سبقهم.

أما دخول أساتذة الجامعات والمدرسين والتربويين إلى المعترك الانتخابي، فهو أمر يدعو للأسف؛ فهؤلاء الذين يُفترض أن يكونوا قدوة في العطاء والعلم وتربية الأجيال على القيم والمبادئ السامية، أصبح بعضهم يسعى هو الآخر وراء المناصب والمغانم والماديات، وكأن الرسالة التربوية لم تعد كافية لإشباع طموحه..!

السؤال هنا:

هل ما فعله جميع هؤلاء سابقًا كان مجرد «طُعم» لمجتمعٍ عاطفي سهل الانقياد؟

وبعض الوزراء ممن أرادوا الظهور بمظهر «أبو زيد الهلالي» مارسوا البطولة المصطنـــــعة أمام الجمهور، وكان الهدف ذاته: دعــــــــاية انتـــــــخابية مبطّنة بثوب البطولة والشجاعة.

كل تلك التصرفات لا تعني سوى شيء واحد: الوصول إلى المنصب ولا غير المنصب.ومن يدّعي الإصلاح اليوم، فهو إمّا واهم أو مخادع. لقد أبدع المسؤولون والأحزاب والسياسيون هذه المرة في ابتكار فقرات دعائية جديدة، فالتقوا المواطنين في ملاعب كرة القدم وسط الهتافات والأهازيج والتزمير، وكأننا في مهرجان لا في حملة انتخابية!

رأيت بعضهم يرتدي الزي العربي ويهوس بالعقال، وبعض النساء «تهلهل» وترفع الشيلة فرحًا بقدوم المرشح..!

فقلت في نفسي: كيف لإنسانٍ وُلد حرًّا في بلده، صاحب تاريخ وكرامة، أن ينحدر إلى هذا المستوى من التصرفات؟ ما الجدوى من التقاط صورة مع المسؤول؟ أهي من أجل (بطانية)، أم وجبة طعام، أم وعدٍ بوظيفة؟!

علامات تعجب كثيرة تلاحق مثل هؤلاء الذين لا يرون أبعد من مصالحهم الشخصية، بينما البلد يمضي إلى الهاوية.

إن الله موجود، ولا تدوم السلطة لأحد؛ لا لرئيس، ولا لوزير، ولا لصاحب المقولة الشهيرة:

«بالعباس كلكم أمشي معاملاتكم، بس من أرشح ديروا بالكم عليه».

فما فعله لم يكن لأجل عيون الناس، بل لأجل البقاء في المنصب، أو الحصول على آخر، أو خدمة حزبه، أو خوفًا من الخروج من دائرته.

والحليم تكفيه الإشارة.

 


مشاهدات 41
الكاتب علي أحمد الزبيدي
أضيف 2025/10/13 - 2:28 PM
آخر تحديث 2025/10/14 - 6:05 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 176 الشهر 9014 الكلي 12148869
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/10/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير