الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خور عبد الـله وتحدّيات السيادة العراقية

بواسطة azzaman

خور عبد الـله وتحدّيات السيادة العراقية

ليلى علي إبراهيم

 

تتآكل سيادة العراق على أراضيه بشكل متدرج، في مشهد يعكس تراجع الدور الإقليمي للدولة التي طالما شكّلت سدًا منيعًا أمام الأطماع الإقليمية. ما يحدث اليوم في ملف خور عبد الله ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل التنازلات، بينما تتجه الأنظار إلى ما قد يكون قادمًا، من قضايا لا تقل خطورة، على امتداد الجغرافيا البحرية والاستراتيجية للعراق.

في هذا السياق، يُفتح باب الخليج العربي على مصراعيه أمام قوى إقليمية كانت تجد في العراق حاجزًا استراتيجيًا أمام طموحاتها التوسعية. فمنذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية، بدأت إيران بتثبيت نفوذها في الداخل العراقي بوسائل ناعمة وأخرى خشنة. ويعد نهر الكارون أحد أبرز الأمثلة على ذلك؛ إذ قامت طهران بتغيير مجراه، ما أدى إلى تقليص كمية المياه الواصلة إلى شط العرب، إضافة إلى تصريف المخلفات الصناعية فيه، مسببة أضرارًا بيئية خطيرة باتت تهدد الصحة العامة في جنوب العراق.

في المقابل، تبدو الكويت، رغم كونها المستفيد الأول من اتفاقية ترسيم الحدود الأخيرة، أمام معادلة حساسة. فهي تسعى للحفاظ على علاقاتها التاريخية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وفي الوقت ذاته لا يمكنها تجاهل ضرورة التوازن مع الجار الإيراني. وعلى الرغم من أن الترسيم يمنحها سيطرة شكلية على خور عبد الله، فإن تعقيدات الجغرافيا والسياسة تجعل من هذا الترسيم خطوة محفوفة بالتحديات، خاصة في ظل التمدد الإيراني الواضح في مناطق كانت تمثل سابقًا خط الدفاع العربي الأول.

قناة السويس

الطموحات الإيرانية في الخليج ليست سرًا؛ بل هي استراتيجية معلنة على لسان صانعي القرار في طهران. وهنا برزت السعودية كلاعب إقليمي حازم، قادت جهودًا مكثفة للحد من هذا النفوذ، في حين أبدت بعض دول الجوار قدرًا من التراخي، ما زاد من حدة القلق لدى أطراف إقليمية تخشى من أن تكون قضية خور عبد الله مقدمة لتحركات تمس مناطق حيوية أخرى، كخور الزبير، أو تؤثر في التوازن الملاحي الممتد وصولًا إلى قناة السويس.

أما العراق، فهو يخاطر اليوم بخسارة أجزاء جديدة من مياهه الإقليمية، مما يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل مشروع ميناء الفاو الكبير، الذي قد يُفرغ من مضمونه بفعل ضغوط إقليمية أو صفقات لا تعبّر عن إرادة داخلية مستقلة.

أمام هذا الواقع، لا بد من تحرّك وطني مدروس، يبدأ من حشد التأييد الشعبي وتفعيل دور المجتمع المدني، بهدف تشكيل قوى ضغط سلمية على صناع القرار. بالتوازي، يجب فتح قنوات حوار شفافة ومتوازنة مع الحلفاء في الخليج، على أسس من الوعي الجيوسياسي والرغبة في إعادة التوازن دون الانجرار إلى مزيد من الاستقطاب أو التصعيد.

 


مشاهدات 57
الكاتب ليلى علي إبراهيم
أضيف 2025/08/02 - 3:21 PM
آخر تحديث 2025/08/03 - 3:35 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 124 الشهر 1574 الكلي 11276660
الوقت الآن
الأحد 2025/8/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير