الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حرب بتحالفين غير متكافئين

بواسطة azzaman

حرب بتحالفين غير متكافئين

محمد علي الحيدري

 

تشهد الأزمة الراهنة بين إسرائيل وإيران تصعيدًا عسكريًا ملحوظًا، يصاحبه تحالفات دولية متباينة في طبيعتها وأهدافها. وفي هذا السياق، تبرز أهمية فهم الفارق الجوهري بين تحالف إسرائيل والولايات المتحدة، وتحالف إيران مع روسيا والصين، ليس فقط من زاوية المصالح السياسية، بل من حيث مدى قدرة هذه التحالفات على تقديم دعم فعلي وحماية في أوقات الصراع.

التحالف الإسرائيلي-الأميركي نموذج واضح لتحالف استراتيجي مؤسسي متكامل. يمتد لعقود، يتضمن اتفاقيات دفاعية وأمنية متقدمة، ومساعدات عسكرية ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات سنويًا، إضافة إلى تبادل استخباراتي متطور وتنسيق عسكري مباشر. الولايات المتحدة تقدم لإسرائيل مظلة حماية سياسية على المستويين الدولي والإقليمي، وهي مستعدة لتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي في أي مواجهة عسكرية. هذا التحالف مبني على إطار قانوني وسياسي متين، يُلزم الإدارات الأميركية المتعاقبة على دعم تل أبيب بشكل دائم، مما يمنح إسرائيل قدرة عالية على اتخاذ قرارات عسكرية محسوبة وثابتة.

في المقابل، يظهر تحالف إيران مع روسيا والصين بشكله الحالي كشراكة استراتيجية ذات طابع سياسي واقتصادي أكثر منه تحالفًا عسكريًا تقليديًا. فموسكو وبكين، رغم دعمهما السياسي القوي لطهران وامتداده إلى التعاون الاقتصادي والتكنولوجي، لا تقدمان دعمًا عسكريًا مباشرًا أو ضمانات للدفاع عنها في حال مواجهة عسكرية مباشرة. الدعم الروسي والصيني يرتكز أساسًا على مجابهة الهيمنة الأميركية وممارسة الضغوط الدبلوماسية، ولا يتعدى حدود التحالفات المصلحية التي تبتعد عن المشاركة الفعلية في ساحات القتال.

هذا الفارق في طبيعة الدعم والتحالفات ينعكس بشكل واضح في موازين القوى على الأرض. إذ تخوض إسرائيل معاركها وهي على ثقة كاملة بوجود دعم شامل من حليفها الاستراتيجي، بينما تقف إيران تواجه الضربات وتراهن على أن التحالفات الدولية ستوفر لها حدًا أدنى من الحماية السياسية والدبلوماسية، لا أكثر. هنا، يصبح الدعم الدولي لإيران أداة لتعطيل خطوات الخصوم وإطالة أمد الصراع، بدلاً من توفير مظلة دفاعية متينة.

بالتالي، لا يمكن النظر إلى التحالفات على قدم المساواة؛ فبين تحالف يضمن وجود دعم عسكري دائم وتحالف آخر يقتصر دوره على التوازن السياسي والدبلوماسي، تبرز الفجوة التي تحدد خيارات كل طرف في إدارة الأزمة. هذا الواقع يفسر حدّة التحركات الإسرائيلية وقدرتها على اتخاذ قرارات شجاعة، بينما تخوض إيران معركتها بميزان دعم مختلف يركز على الصمود السياسي أكثر منه على القوة العسكرية المشتركة.

إن فهم هذا التباين هو مفتاح إدراك تطورات الصراع الراهن، ويدفع إلى التأكيد أن التحالفات الكبرى ليست مجرد شعارات دبلوماسية، بل أدوات قياس حقيقية لقدرة الأطراف على مواجهة التحديات الأمنية والاحتفاظ بمكانتهم في ميدان الصراع.

 

 

 


مشاهدات 228
الكاتب محمد علي الحيدري
أضيف 2025/06/21 - 12:18 AM
آخر تحديث 2025/06/21 - 4:17 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 425 الشهر 13512 الكلي 11148166
الوقت الآن
السبت 2025/6/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير