الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فن إدارة الدولة

بواسطة azzaman

فن إدارة الدولة

خالد المعيني

 

لا يوجد تعريف موحد للدولة ، فقد تصدى عشرات المفكرين والأساتذة عبر التاريخ لوضع تصورات حول هذه الظاهرة ، الدولة من وجهة نظرنا ضرورة إجتماعية تؤطر قانونيا وتمتلك صفة وشخصية معنوية تميزها عن الأفراد ، تتمخض عنها أشكال من السلطة والسيادة محليا وخارجيا ، الهدف من قيامها حفظ حقوق الأفراد وتحديد واجباتهم  ، وترسيم الحدود بعدالة بينهما ، وكذلك حقوق وواجبات الحكومة التي يختارها الشعب بإرادته ، لإدارة شؤونه والدفاع عن حقوقه وحرياته داخليا وخارجية .

قد تتخذ الدولة طبقا للمكان والزمان وحسب الظرف التاريخي والإجتماعي الذي إنبثقت عنه ، عدة أشكال من أنظمة الحكم السياسية الديمقراطية أو الديكتاتورية ، وللدولة عناصر أساسية  لشرط  قيامها ، كالسكان والإقليم والسلطة والسيادة

وهناك فرق بين ( الدولة – السلطة ) ، وبين ( الدولة – الأمة ) ، في النموذج الثاني تكون عناصر الدولة قد إلتئمت وإنصهرت فيما بينها ونجح الساسة فيها من تحقيق العدالة الإجتماعية وتوحيد هوية مشتركة وتحويل الأفراد إلى مواطنين ، وإذابة  فوارق وحواجز الثقافات الفرعية الدينية والقومية والقبلية لصالح الثقافة الوطنية .

من الجدير بالإشارة ، إن  وادي الرافدين قد عرف منذ منذ آلاف السنين أقدم أشكال تنظيمات الدولة التي عرفها الإنسان في تاريخه القديم ، ولعل التجسيد والدليل الحقيقي لوجود نظام الدولة في العراق القديم ، هو دقة وشمولية ورقي منظومات القوانين والتشريعات التي تنظم حقوق وواجبات الأفراد والدولة من خلال المسلات وفي مقدمتها مسلة حمورابي الشهيرة .

مجلس الخدمة

 في مدينة «أوروك» ( في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ) ، وجد إلى جانب العاهل ، مجلسان ، أحدهما مجلس الكبار والثاني مجلس العامة وهو من الشباب المحاربين ، ومن خلال هذين المجلسين  كانت تتخذ  قرارات الحرب والسلام . كما إنه في الدولة الآشورية كان الملك أيضا مقيدا بمجالس التجار والعسكر ورجال الدين والمجالس العامة .    تعد السياسة  بمثابة  فن ووسيلة إدارة شؤون الدولة ، لكننا عندما نفكر بمن يدير هذه الدولة ستتداخل لدينا مفاهيم متقاربة ما بين رجل السياسة الطاريء ورجل السلطة الموظف ، وما بين رجل الدولة الذي يعد الحلقة الأخطر والأكثر بقاءا وديمومة في عملية بناء وإدارة وإزدهار الدولة ، فمن هو رجل الدولة ( states  man   ) ؟

قد  يكون من السهل ، أن يصبح شخصا ما سياسيا ، ولكن ليس بنفس  السهولة أن يصبح رجل دولة ، رجل الدولة محصلة وإستحقاق  لمجموعة عناصر وتفاعلات ينجم عنها طراز خاص جدا ونادر من القادة ، الذين يمكن أن يطلق عليهم إعتباريا أو مجازا « رجال دولة « ، فهذا الوصف لا يمكن أن يحظى به شخص من خلال حيازته لمنصب ما ، أو يمنح له من خلال مرسوم  هو نوع من وسام إستحقاق ذاتي .

أحيانا ، هناك رجال دولة ذوي قدرات تحويلية هائلة ، تمنع دون إنجازاتهم ، ظروف وطبيعة الأغطية الثقيلة في الأنظمة السياسية والإدارية التي تحول  دون ألمعيتهم وتفجير طاقاتهم الخلاقة  ، في حين تلعب الصدفة في إتاحة الفرصة لرجال دولة مغمورين من لعب أدوار عظيمة في ظل ظروف إستثنائية ، ومما لاشك فيه إن إحتمالية بروز رجال الدولة في ظل الأنظمة الديكتاتورية أو الفاسدة  تتقلص مقارنة بالأنظمة الديمقراطية والمفتوحة

يمكن التقرب من تعريف «رجل الدولة « ، بأنه الشخص الذي تتجسد في شخصيته ثنائية الفكرة والقدرة على تطبيقها ، كما إن معيار رجل الدولة يتحدد في ضوء قدرته عند تسنمه المسؤولية على إحداث إنتقالة نوعية وفق رؤية خلاقة ، من حال إلى حال ، كأن ينهض في بناء دولة على أنقاض خراب وتردي وفوضى أو ينهض بأعباء مؤسسة فينتقل بها من براثن الفشل الى آفاق النجاح والإزدهار .

وهناك مقدمات ومقتربات لابد منها  لظهور رجال دولة منها ، عدم إمكانية وجود رجال دولة خارج مؤسسات الدولة  نفسها ، كما إن الشريحة المؤهلة لإمكانية ظهور مثل هذه النخبة النادرة (الرجال – القادة )  هي شريحة الطبقة الوسطى ، بسبب توافر عدة خصائص ومؤهلات مادية ومعنوية  وفكرية ، يمكن أن تشكل أرضية وتربة خصبة  لنمو  وإنطلاق مواهب وطفرات  رجال الدولة .

رجال الدولة

كما إن من شروط  بروز «رجال الدولة « عدا الكفاءة ، قدرتهم على الإنجاز والمتابعة والإرتقاء بالمنجز نوعا وكما ، وكثيرا ما تبرز الحاجة لظهور رجال الدول في المنعطفات الحساسة  والتاريخية والحرجة التي تمر بها الدول والمؤسسات ، فيبرزون كقادة ومنقذين وملهمين لآخرين يعملون معهم .

من الجدير بالذكر ، إن مصطلح « رجال الدولة « كمواصفات وقدرات ينطبق على السيدات ، وما أكثرهن في تميزهن كنماذج في إدارة الدول لا سيما في التاريخ المعاصر  .

أخيرا هناك جملة من الصفات التي يتحلى بها «رجال الدولة» تميزهم عن غيرهم من رجال السلطة أو رجال السياسة :

أولا – التدرج في المسؤوليات

ثانيا – الخبرة والكفاءة المتراكمة

ثالثا – إمتلاك رؤية تحويلية

رابعا – القدرة على الإنجاز والمتابعة

خامسا – الشجاعة في إتخاذ القرارات

سادسا – النزاهة والإستقامة

سابعا – العقلانية والواقعية

ثامنا – الإستجابة للتحديات

 

 


مشاهدات 27
الكاتب خالد المعيني
أضيف 2025/05/04 - 3:16 PM
آخر تحديث 2025/05/05 - 12:24 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 636 الشهر 5429 الكلي 10999433
الوقت الآن
الإثنين 2025/5/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير