الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل حقًا عرفنا اللـه

بواسطة azzaman

هل حقًا عرفنا اللـه

فاطمه علي

 

إن الله سبحانه وتعالى، عندما قال “لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم”، لم يكن شيئاً عابراً، بل كان تعبيراً عن عظمته ورحمته اللامحدودة.

فهو يُفصح عن الحالة المثالية التي أرادها للبشرية، حيث يتجلى فيها الكمال والجمال، ممزوجاً بالقدرة على الاختيار والتطور. اليوم، نرى أن هذه الآية العظيمة تُسلط الضوء على التصميم الإلهي الشامل، حيث وضع الله في قلب كل إنسان بذور الفطرة السليمة، التي ما إن تُروى بالعلم والتربية، حتى تُثمر عن إنسان قوي، عادل، ومؤثر في مجتمعه. ولكن في زحمة التحديات التي تواجه البشرية منذ اللحظات الأولى لوجودها، نتساءل: لماذا حمل الأمانة كان ضلوماً جهولاً؟ هنا بعد تفكير عميق، نجد أن وجودنا في هذه الحياة ليس كما أراد الله للبشرية؛ فالحياة اليوم قسمت إلى قوي وضعيف، غني وفقير، ورجل وامرأة، مما يعكس التنوع الغني في الطبيعة البشرية ولكنه في ذات الوقت يبرز المفارقة بشكل صارخ بين النوايا الإلهية والممارسات الإنسانية. ينكشف لنا من خلال تأملاتنا أن الكثير من المعايير والشروط التي وضعها الإنسان، مستنداً إلى جشعه وطموحاته الفردية، قد أضاعت الأصل الذي خلق الله عليه البشر. فبدلاً من أن يسيروا في صراط مستقيم يرضي الله، أسسوا أنظمة تتسم بالاستغلال، تسلطت عليها جبابرة وطواغيت يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب حقوق الآخرين، مما أفضى إلى اختلال التوازن الإنساني. إن هذا الانقلاب على القيم الإنسانية الأصيلة يتجلى من خلال واقع مؤلم، حيث يتميمشكل البعض الآخر من التفاعلات الاجتماعية، مما يخلق هوة عميقة بين الأفراد، وفاعلية اجتماعية مدمرة، حيث يستغل بعضهم ضعف الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية. وفي سياق ذلك، نجد أن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا أمماً متعددة، تُرسم ملامحها عبر تاريخ عريق وثقافات متنوعة، ولكن بدلاً من إبراز نقاط قوتنا وتكاملنا، ركزنا على الانقسامات التي فرضها البشر، مما أضعف من وحدتنا بشكل مُحزن. فالخلق واحد، فجميعنا نولد من رحم واحد، ونعيد إلى مثوانا الأخير، كدليل على عدم الأهمية الحقيقية للمظاهر والطبقات الاجتماعية. لذا، يجب علينا أن نتحد في مواجهة التحديات التي يعرضها علينا هذا العالم المعقد، متمسكين بالقيم النبيلة التي تدعو إلى الرحمة والمغفرة، بدلاً من الانغماس في النزاعات والصراعات المدمرة. لذا، ينبغي علينا اغتنام هذه الدنيا وإدراك أنها فرصتنا لنكون ثمرتنا طيبة، مثل شجرة مثمرة تجسد محبة الله ورحمته، تُفرز معاني الخلق العادل، وليس كشجرة خبيثة تعبّر عن السموم والآلام، حيث تمثل مكاناً لمستقر الشياطين من الإنس والجن. نحن مدعوون إلى بناء مجتمع يعكس التآزر والتعاون، يكرّس قيم الرحمة والعدالة، ويدعو للوقوف ضد ظلم الآخرين. بدلاً من ذلك، لنسعى لأن نكون أهل مرضات الله، ونتذكر دائماً أنه قهر عباده بالموت والفناء، وهذا هو الطريق الذي سيجعل من حياتنا تجربة غنية ومليئة بالمعاني. لنكن جزءاً من تغيير إيجابي ومستدام، يحثّنا جميعاً على العمل سوياً لبناء عالم يسوده العدالة والمودة، بعيدًا عن التفرقة والمظالم، لنبني مستقبلاً راسخاً يستحقه الأجيال القادمة.

 

 


مشاهدات 18
الكاتب فاطمه علي
أضيف 2025/05/04 - 3:10 PM
آخر تحديث 2025/05/05 - 12:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 313 الشهر 5106 الكلي 10999110
الوقت الآن
الإثنين 2025/5/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير