الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
في حضرة اليتم

بواسطة azzaman

قصة قصيرة

في حضرة اليتم

احمد الكناني

 

مضيتُ طريقي المكتضة بنظرات القسوة التي حاولتُ جاهداً ألّا أراها .. 

وجهيّ المُتسخ ، ثيابي الرثة ، و قدميّ العاريتان المشققتان و الصُلبتان أيضاً .. كل هذا يبعث الاشمئزاز فيهم ..

* ما بال أمه لاتهتم به ، لا تُنظفه ، لا ترعاه كما يجب ..

هكذا همَستّ لرفيقتها وهما يتجاوزاني بسرعة خشية إلحاقهما بأوساخي التي تغطي كل شبر مني ..

 الوشوشات ، النظرات المتأففة ، البريستيج العالي ..

 لا ، لستُ من مقام أحد ، جميعهم مخلوقون من لؤلؤ براق ، ووحدي مخلوق من العفن .. ذاك الصبي الذي ألِفته وألِفَني البارحة ، وبدأنا نتقاسمُ لحظات ممتعة من اللعب واللهو والسعادة ؛ لم يأتي اليوم ، صرخت أمه بوجهي بألّا أُرافق ابنها أبداً ، فهو - ليس ابن شوارع كأنا - ليس بيننا أية تشابهات .. أو حتى تناقضات .. هو الأمير سيعتلي عرش الثراء ذات يوم ، و أنا الفقير ، ليس لدي شيء كي أعتليه ، لا ماضٍ بهيج لي ولا حاضر ولا حتى مستقبل ..

قلبي يعصرني بقسوة ، كيف لي العيش بهذا الجحيم ؟!

لا ، لن أحتضر الآن ، لابد وأن أفيق ، وأشعل فيٌ الحياة من جديد ، سأوصد قلبي المهترئ بمقفال صديد ، وأعصب عيني بقماش أبيض ، كي لا أشعر بترهاتهم الساذجة و لا أرى شيئاً غير النور ..

قررتُ أن أعيش ، قررتُ أن أحلم ، ولن تثنيني تلك النظرات ، الهمسات ، وكل الإزعاج عن فعل ذلك ..

إلهي ! أنت ربي و أنت المُرتجى ..

 فقدتُ أمي ، وهج روحي و المُستقى ..

 ومن بعدها أبي ، فأظلمت الدنيا و أضحى الخوف يلفني  والكَدرَ ..

رباه ! أنت معي .. و بك أصنع غايتي ..

و بك أجدد شهيقي بالأمل ..

وأزفر باليأس إلى عمق الردى ..

هذا أنا .. أنا القوي المثابر .. المفعم بالروح و الحب ..

 سأبني سُلماً أصعد به للسماء ..  و سأعانق حلمي و الطير من حولي و الشذى .. 

 


مشاهدات 40
الكاتب احمد الكناني
أضيف 2025/04/30 - 3:04 PM
آخر تحديث 2025/05/01 - 5:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 301 الشهر 301 الكلي 10994305
الوقت الآن
الخميس 2025/5/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير