وزير الخارجية الايرانية يوقع في مسقط كتابه قوة التفاوض بنسخته العربية
مسقط-واصف عواضة
على مسافة ساعات من الجولة الثالثة من المفاوضات الايرانية الاميركية في سلطنة عمان حول السلاح النووي،وقع وزير الخارجية الايرانية سيد عباس عرقجي كتابه “قوة التفاوض – مبادئ وقواعد المفاوضات ااسياسية والدبلوماسية ” بنسخته العربية الصادرة عن “دار هاشم للكتب والنشر ” اللبنانية ،فكانت هذه النسخة باكورة اصدارات الدار الذي تأسس في بيروت حديثا ،احتراما لرغبة الراحلين المغتربين الأخوين هاشم وحسن هاشم.
احتفال التوقيع تم مساء الجمعة في معرض مسقط للكتاب الدولي في دورته التاسعة والعشرين الذي افتتح اعماله في مركز المعارض والمؤتمرات في العاصمة العمانية في 23 نيسان الجاري ويستمر حتى الخامس من شهر ايار المقبل ،ويشارك فيه نحو خمسين دار نشر من لبنان .
وشارك في حفل التوقيع الذي جرى في “دار لبان للنشر” العماني ،حشد من الشخصيات والفاعليات العمانية والعربية والاجنبية ،يتقدمهم وزير الخارجية العمانية ونائبه ووزير الإعلام وعدد من اعضاء السلك الدبلوماسي الاجنبي.
وتحدث عرقجي خلال التوقيع لوسائل الاعلام فقال انه سعيد بترجمة كتابه الى اللغة العربية ،شاكرا المترجمة فاطمة محمد ي “وصديقي السيد علي هاشم ” الذي تولى نشر الكتاب باللغة العربية في لبنان ،املا ان يستفيد منه طلاب العلاقات الدبلوماسية وغيرهم من المهتمين.
وتحدث مدير العلاقات العامة في “دار هاشم” واصف عواضة الى عدد من وسائل الاعلام فقال “إننا سعداء في دار هاشم ان باكورة اعمال واصدارات الدار كانت في هذا الكتاب لشخصية معروفة وفاعلة في المنطقة من طراز وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية عباس عرقجي ،وقد جاء التوقيع على اعتاب الجولة الثالثة من المفاوضات التي نأمل ان تصل الى نتائج تعكس الاستقرار في المنطقة. ونحن سعداء ايضا ان التوقيع يتم في معرض مسقط الدولي وفي سلطنة عمان التي هي واحة استقرار وأمن وسلم في منطقة ملتهبة ،ولا بد من توجيه التحية لدور السلطنة لرعايتها المفاوضات بين ايران والولايات المتحدة ،والتي نأمل ان تتكلل بالنجاح.
واشار الى ان الدار تحضّر لاصدارات جديدة ستكون على مستوى اصدارها الاول ،وسوف تفاجئ الجميع .
الكتاب ومقدمة الناشر
ويقع الكتاب في 218 صفحة من القطع الوسط ،وقدم له الناشر بكلمة مؤثرة جاء فيها:
لم يكمل التوأم هاشم وحسن عامهما الثالث عشر، حتى أجبرتهما ظروف الفقر والحرمان على ترك مقاعد المدرسة. كان ذلك في ستينيات القرن الماضي. عمل التوأم في مكتبة من مكتبات العازارية في وسط بيروت. سريعا، تطورت علاقتهما بالكتب، وازداد شغفهما بالقراءة والكتابة. كبرا معا وامتلأت خزائنهما بالكتب وذاكرتهما بفيض من الشعر والنثر والأدب والسياسة. ولم تخل أحاديثهما يوما من ذكر كتاب جديد، أو مؤلّف، أو مشروع مؤجل لكتابة الذكريات.
هاشم، بطل هذه القصة، هو والدنا. هاشم، ليس مجرد لقب عائلة اخترناه اسما لدارنا، بل هو تكريم للأب الذي زرع فينا حب المعرفة والقراءة.
في اللحظات الأخيرة على فراش المرض والموت، وبينما كان التوأم هاشم وحسن يقتربان من وداع الحياة، بدأت فكرة تأسيس «دار هاشم». أردنا من هذا المشروع أن يكون امتدادًا لإرثهما، وأن يتحول ملتقى الأحبة والأصدقاء إلى مسكن للكتب، وجسر يربط الشعوب والحضارات.
من هنا، نقدم للقارئ العربي أول إصداراتنا، وهو كتاب من تأليف الدكتور عباس عراقجي، وزير خارجية إيران. قوة التفاوض، كتاب يتناول فيه الكاتب أهمية التفاوض في زمن يموج بهدير طبول الحروب. كان اختيارنا لهذا الكتاب قرارا جريئًا ومكلفا، لكنه نابع من إيماننا العميق بضرورة لعب دور الجسر في منطقة تعصف بأبنائها أزمات كبيرة وخطيرة. ندرك أنّه مهما طالت الحروب، فإنَّ الحقائق الصحيحة والمشتركات الإنسانية هي التي تمكث في الأرض، وهي ما يجمع العرب والفرس والترك والكرد بأديانهم وثقافاتهم المتنوعة في بقعة نفيسة من هذا العالم.
على بركة الله نبدأ هذه الرحلة.
مقدمة الكاتب
وجاء في مقدمة الكاتب الوزير عرقجي:
أنا سعيد للغاية بترجمة كتاب قوة التفاوض إلى اللغة العربية. هذا الكتاب هو ثمرة حوالي أربعين عاما من الدراسة والمتابعة والعمل والتجربة في المجالات الدبلوماسية والمفاوضات السياسية.
خلال هذه السنوات، أدركت أن التفاوض ليس أداة لتحقيق الأهداف الدبلوماسية فحسب، بل وسيلة لحل العديد من القضايا والتحديات المعقدة في العلاقات الدولية. كما يسهم التفاوض في الحفاظ على السلام وتحقيق الأمن الوطني للدول.
وقد حاولت في هذا الكتاب أن أشارك القراء المبادئ والقواعد التي تسهم في إجراء حوارات مثمرة، وتعزز من كفاءة أداة التفاوض.يحمل عنوان “قوة التفاوض” ثلاثة معان رئيسة:
إِنَّ نَشرَ هذا الكتاب باللغة العربية خطوة لتعزيز الروابط الثقافية والعلمية والدبلوماسية بين إيران والدول العربية . آمل أن يكون مرجعا مفيدا لجميع المهتمين بالمجالات الدبلوماسية والسياسية، وأن يسهم في تحقيق المبادئ المشتركة.
التفاوض يعتمد على عناصر القوة الوطنية.المفاوض يحتاج مهارات شخصية وقدرات متنوعة.
التفاوض والدبلوماسية قد يصبحان مصدرًا لتوليد القوة للدولة.
وفي الختام، أتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساهم في ترجمة ونشر هذا الكتاب، خاصة الدكتورة فاطمة محمدي سيجاني والأستاذ علي هاشم، وأدعو الله أن يوفقهم لكل خير .
مقدمة ظريف
وكان الوزير السابق محمد جواد ظريف قدم للكتاب ايضا وجاء في تقديمه: إن الإيمان بالذات هو أول مطلب للحوار؛ إذ لا يخشى الحواز من يؤمن بقدراته ورؤيته. فيما ينبع التطرف والامتناع عن الحوار والغوغائية تنبع قبل أي شيء من فقدان الثقة بالنفس. لذلك، فإن الأسلوب المقبول والمجدي في الحوار يتمثل بالحديث الواعي والذكي والمنطقي واللين وفي القرآن الكريم، يأمر الله سبحانه وتعالى رسوله العظيم موسى (ع) بأن ينتهج أسلوبا لينا في التعامل مع رمز الطغيان فرعونَ: «أَذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيْنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى».
تتمة الموضوع على موقع (الزمان) الالكتروني
أما المطلب الثاني فهو الاستماع؛ فطاولة المفاوضات ليست منصة لإلقاء الخطب، على الرغم من أن الخطاب يصبح أمرًا لا مفر منه أحيانًا. ولا يتعين النسيان مطلقًا أنَّ طاولة المفاوضات تهدف إلى الوصول إلى نتيجة يقبلها الطرفان، وليس إرغاما من طرف لآخر على قبول الأخطاء وطلب العفو منكم. مثل هذا الحوار لن يعود بأي نتيجة، حتى وإن أعقبه ثناء وإشادة للمتحدث نفسه. وأفضل أسلوب يضمن الوصول إلى النتيجة المرجوة من الحوار الوصول إلى نقاط التقاء المصالح المتحاورين، إذ يتحقق ذلك من خلال الاستماع إلى المخاوف المتبادلة، والمبادرة إلى تقديم سبل مقترحة للوصول إلى اتفاق.
والطرف الذي يسبق الآخرين في ذلك، تجني بلاده غالبية المصالح، وهذا ممكن فقط من خلال الاستماع.
أما الثالث، فهو الاستعداد للتضحية والمخاطرة بالسمعة الشخصية» لتحقيق المصالح القومية؛ لا ينتهي أي حوارٍ إلا على حساب سمعة المتحاورين، لأن المقايضة تكمن في جوهر وأساس الحوار.
ومما لا شك فيه، إن تحقيق أي هدف يتطلب الجهد والعطاء والتضحية التي قد يتبعها تحمل مختلف أشكال الإستهداف والمس بالسمعة الشخصية.
فصول الكتاب
ويصلح الكتاب حسب المختصين كمرجع أكاديمي للراغبين بتعلم فنون وفهم أبعاد المفاوضات السياسية، حيث عززه وزير الخارجية الإيراني بدراسة حالة مفاوضات إيران مع مجموعة الـ5+1 التي انتهت عام 2015 بالتوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية. ويكشف عراقجي الذي كان كبير المفاوضين النووين أنذاك العديد من الأحداث التي دارت في أروقة المفاوضات، لعل أبرز ما قدمه في هذا السياق روايته عن اللحظة التي بكت فيها كبيرة المفاوضين الأميركيين ويندي شيرمن، وذلك بعد سنوات من عرض هذه الأخيرة لروايتها عن الحادثة في كتابها.
أما عند الخوض في الفنون والقواعد التفاوضية الإيرانية، يسعى رأس الهرم الدبلوماسي الإيراني إلى توصيل أفكاره من خلال قصص عايشها في حياته، خاصة ما كان منها في “البازار الإيراني”، إذ يتضح من الأحداث التي سردها في الكتاب أنها انعكست على شخصيته وهو القادم من عائلة مشهورة بتجارة السجاد. في هذا السياق، يروي عراقجي أن والده أخبره بقصة مفادها أن “بائع خرج من متجره لغرض ما، وفي ذات الوقت جاء أحد الزبائن، فلم يستطع عامل المتجر تلبية رغبات الزبون. وعندما عاد وعلم بأن الزبون خرج، أمسك وزنة الميزاان، وكسر ساقه حتى لا يغادر المحل مرة أخرى”. بناءًا على تلك القصة، يشرح الوزير الإيراني القواعد والأصول التي تُوصي طهران بها دبلوماسييها في مختلف المحافل السياسية الدولية.
في الخلاصة، يمكن القول إنه على الرغم من تدوين عراقجي لكتاب “قوة التفاوض” قبل أشهر قليلة من وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي وحدوث التغيير السياسي الذي قاد لتولي عراقجي مسؤولية وزارة الخارجية، إلا أنه يعكس حقيقة الفكر التفاوضي لدى الوزير، لذا فإن الإطلاع عليه يمكن أن يكون جديرا بالأهمية لكل من يريد أن يشكل تصورًا ذهنيًا عن العقل الإيراني الذي يفاوض الآن في عُمان فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب.