الأكس جمانة كريم
أحمد عبد المجيد
نادراً ما تابعت مسلسلاً تلفزيونياً، بكامل حلقاته، لكني استقصي، في الغالب، ردود الافعال ازاء بعض ما يعرض من هذه المسلسلات، ولاسيما المحلية منها.
في رمضان الحالي ألزمت نفسي بترك العادة القديمة، وحرصت على مشاهدة اغلب حلقات مسلسل (العائلة X) الذي بثته قناة (الشرقية). والحق ان التنافس الرمضاني يجعل عملية المتابعة مستحيلة، بحكم تضارب مواعيد عرض المسلسلات من جهة، وتعدد الالتزامات الاجتماعية خلال الشهر الفضيل من جهة آخرى. وتحت ضغط هذه المعادلة وجدتني اتابع بشغف المسلسل المذكور الذي أخرجه علي فاضل. وهذا سبب آخر جعلني احرص على التواصل مع (العائلة اكس) والدخول في تفاصيل علاقاتها والمناخ العام الذي تدور فيه حركة ابطالها.
ورأيتني أحد المعجبين بقصة المسلسل، لأنها تدور في بيئة اجتماعية من نتاج التحولات العميقة للمجتمع العراقي بعد هيمنة منصات التواصل الاجتماعي وتفاعلاتها، على حياة اجيال ما بعد 2003.
اهمية المسلسل تكمن في انه لا يبالغ في عرض التداعيات ولا يلزم نفسه في صفة تطبع معظم الدراما الرمضانية، وهي اسقاط السياسي على الاجتماعي وتحميل الماضي كل اخطاء وماسي الحاضر. وقد نجح علي فاضل في مغادرة النهج الذي اتبعه في برامجه ومنتجاته الأخرى، التي اتسمت بطابع اللاجدية والافتعال واعتماد السخرية الساذجة، ففي عائلة اكس قدم نفسه مخرجاً درامياً مثقفاً، يتحسس حياة جيله والاجيال اللاحقة، ويفسر بنحو علمي ومعرفي الاسباب الكامنة في التراجع القيمي والتربوي الناجم عن الطفرة المالية لبعض الاشخاص والعائلات والاهتمامات المفاجئة التي طغت على سلوكيات الابناء نتيجة اهمال الوالدين، وغياب التوجيه وشيوع التحلل من المسؤولية الاجتماعية. لا أريد ان اعرض احداث المسلسل، فالذين تابعوه شدهم الخيط القوي، الذي يربط حلقاته بعضها ببعض، برغم طغيان المشاهد الطويلة نسبياً في بعض الحلقات وبطء التصاعد الدرامي الذي يتطلبه صراع الابطال وتقاطع الحوادث.
ما يهمني ان اشير اليه في هذا المسلسل، هو الاجادة التامة لاقتناص الادوار، من قبل الممثلين برغم ان 95 بالمئة منهم شباب حديثو الظهور على الشاشة وقليلو الاطلالة في برامج علي فاضل، باستثناء ما فاجأنا به بعد حين، في النسخة الجديدة من برنامجه (ولاية بطيخ). فقد حشرهم على فاضل في مقاطع او مشاهد، من باب الاعتراف بالنجاح والجميل أو الاذعان للارتباط الذي تمليه الالتزامات الفنية في الانتاج.
بودي ان أشيد مثلاً، بالممثلة البارعة جمانة كريم، الطاقة الفنية الممتلئة بالعفوية في الاداء. وطالما سألت نفسي وانا اتابع دورها المشحون، كأم في المسلسل تحملت اعباء اعالة العائلة وتنشئة الابناء، من أين جاءت بكل هذه العفوية؟ وكيف استطاعت ان تتقمص الدور، بحيث يبدو مصاغاً على مقاسها في الواقع، لعلها في هذا النجاح غير المسبوق لممثلة طالعة كالصاروخ، تعيد الى الاذهان عفوية كبار ممثلي الدراما العراقيين والعرب. وهؤلاء، بلا شك يعيشون الدور تماماً ولا يمثلونه ويطلون على المشاهدين، وكأنهم منزوعون من أرض خصبة مفعمة بالتناقض. أحييها واكرر الاشادة بالشباب الواعدين معها.