الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شئ عن ثورة (يحيا الوطن)

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

شئ عن ثورة (يحيا الوطن)

محمد صاحب سلطان

 

لم يكن هنالك حدث كبير في التاريخ القريب، وحد صف العراقيين، وجمع كلمتهم وشملهم وصفى قلوبهم، بعد أن صنع بنا الخلاف ما صنع، وبعد أن جنى التفرق علينا ما جنى، سوى ثورة العشرين التي نحتفي بعد غد بمقدم ذكراها السنوية الخامسة بعد المائة،في الثلاثين من حزيران ، والمؤرخون الذين تناولوا قصة أحداثها، أجمعوا على إعتبار ثورة العشرين ،المدرسة الشعبية الأولى التي علمت العراقيين مفاهيم الوطنية والاستقلال ،وكانت البداية الحقيقية للوعي الوطني الذي أخذ ينمو ويتصاعد بعد ذلك بمرور الأيام ،لميزاتها الكثيرة التي أوردها عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي، في كتابه الموسوعي (لمحات إجتماعية من تاريخ العراق)بجزءه الخامس ،من أبرزها، التعاضد والتحالف بين العشائر وأهل المدن ، ولمعان صبغتها الدينية وفتاوى المراجع، فضلا عن كونها حدث شمل كل أنحاء العراق، فتحقق التفاعل الوطني نحو الإستقلال غير المألوف مفهومه سابقا ، فكانت أول حدث في تاريخ العراق، يشترك فيه العراقيون بمختلف فئاتهم وطبقاتهم وطوائفهم وأديانهم ومذاهبهم وقومياتهم ،ففيها كما قيل عنها ،قد جمعت العمامة الى جانب الطربوش، والكشيدة إلى جانب اللفة القلعية، والعقال إلى جانب الكلاو ، وكلهم يهتفون (يحيا الوطن)،، لإن ظلم المحتل الاجنبي وما إرتكبه من جرائم، قد وقع على الجميع، ومن تحكم بمقدرات البلاد، هم الحكام السياسيون الانكليز ومعاونيهم ،الذين كانوا ينظرون إلى العراقيين وكأنهم متوحشون،قتلة، جهلاء بتصرفات صبيانية، لا يفقهون من الحياة البشرية شيئاً ، ولذا هم في حاجة إلى أن يحكمهم البريطانيون، مائة سنة على الأقل لكي يتعلموا ، كيف يحكمون أنفسهم!، مقارنين بين إعتزاز الإنكليز بالكلاب ،في حين إن أبشع الشتائم عند العراقيين ، أن يقال لإحدهم (كلب) أو ( إبن كلب)!!.

وأحداث بداية الثورة واشتعال شرارتها الأولى ، دونتها الوثائق المسلطة الضوء عليها لمؤرخين عرب واجانب وعراقيين، عبر مذكرات شهود عيان أو نقلا عن مشاركين فيها ،فضلا عن ما وثقته الذاكرة الشعبية من أشعار وأهازيج ومواقف ،سجلت وقائعها، قبل وأثناء وبعد الثورة ، ومن أبرز الأحداث التي سبقت إندلاعها ، هو الاستفتاء الذي جرى على طبيعة نظام الحكم عام 1919، الذي كان حافزآ لنشوء الحركة الوطنية التي إتخذت فكرة الإستقلال شعارا لها ، إثر إعلان مقررات مؤتمر (سان ريمو)في نيسان 1920،التي قضت بأن يكون العراق تحت الإنتداب البريطاني، فأخذ الناس يعلنون التذمر والاستياء من الإنتداب ويرددون (هل نحن أطفال لكي نحتاج إلى وصي يرعى شؤوننا)، كما إن الوثائق ،تشير إلى أن أول من نادوا بالثورة المسلحة ضد الإنكليز ، هم رؤساء العشائر في الفرات الأوسط وخاصة في المشخاب، ثم صارت دعوتهم، تنتقل إلى الآخرين، وهنالك تفاصيل كثيرة عن الشخصيات الأولى لا تتسع مساحة العمود لذكرها، ولكنها محفورة في الذاكرة الشعبية ، منها قصة الشيخ شعلان أبو الجون رئيس عشيرة الظوالم في الرميثةوليراته العشر ، وطلبه من أبناء عشيرته بقلع خشب سكة الحديد للقطار المار بمنطقتهم، فهبوا وهم يهزجون (من راحن فجر يمشن سبع تفكات.. فكوه وتمدد ناطوره).. وعندما دارت رحى القتال بين عشائر الرميثة، قدم الثوار (500)شهيد، والقوات البريطانية اكثر من (3000) قتيل بينهم (60)ضابطا،، وإصدار المرجع الديني محمد تقي الشيرازي، فتوى (الدفاعية) لمقاتلة الإنكليز ورفضه لبقائهم ،، وكذلك إهزوجة آل فتلة في معركة الرارنجية (رد مالك ملعب ويانا) بعد محاصرة العشائر الثائرة للقوات البريطانية من ثلاث جهات، وهم يتمنطقون باسلحتهم التقليدية (الفالة والمكوار والخنجر), فضلا عن معركة القطار الشهيرة، ناهيك عن واقعة مقتل الكونونيل (ليجمن) ، ودور قبيلة زوبع في المقاومة ضد الإنكليز بقيادة الشيخ ضاري الظاهر ،، فردد العراقيون إهزوجة (هز لندن ضاري وبچاها)..

وختاما أقول: بفضل تلك الثورة المباركة، صعدت صرخة الشرارة الملهوفة إلى السماء، وبصداها توحد العراق من أقصاه إلى أقصاه بوجه المحتل،فتحية وإمتنان لإولئك الشجعان بذكراهم العطرة..

 

 


مشاهدات 96
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/06/28 - 12:47 AM
آخر تحديث 2025/06/28 - 6:19 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 161 الشهر 17188 الكلي 11151842
الوقت الآن
السبت 2025/6/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير