الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ليلة نوبلية

بواسطة azzaman

ليلة نوبلية

فاروق الدباغ

 

 في ليلة احتفالية مهيبة بتاريخ الأربعاء 10 ديسمبر 2025، جمعت بين الأناقة الملكية وبريق العلم، حظي البروفيسور العربي عمر ياغي بتكريم استثنائي خلال مأدبة نوبل الكبرى في قاعة مدينة ستوكهولم، حيث جلست ولية عهد السويد الأميرة فيكتوريا إلى جانبه في مشهد حمل الكثير من الرمزية. فالعالِم الذي انطلق من بيئة عربية متواضعة أصبح اليوم أحد أبرز مبتكري علم الكيمياء الحديث، وأحد العقول التي غيّرت مستقبل المواد والتقنيات البيئية في العالم.

عمر ياغي، الأردني من أصول فلسطينية، يشغل منصباً بحثياً رفيعاً في جامعة كاليفورنيابيركلي، واشتهر عالمياً بابتكاره للأطر المعدنية العضوية، وهي مواد مسامية دقيقة البنية قادرة على امتصاص الغازات وتخزينها وتنقيتها بكفاءة لم تُعرف سابقاً. هذا الاكتشاف لم يكن مجرد إضافة علمية، بل تحول إلى ثورة في مجالات الطاقة والبيئة والتنقية، وأصبح أساساً لتطبيقات قادرة على التقاط ثاني أكسيد الكربون، وتحلية الهواء، وتوليد الماء في المناطق الجافة، وتطوير أنظمة تخزين الهيدروجين. لهذه الإنجازات منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025 للبروفيسور ياغي، وتبلغ قيمتها هذا العام 11 مليون كرون سويدي.

مراسيم الاحتفال اتسمت بالفخامة المعتادة التي تميز تقاليد نوبل منذ أكثر من قرن. عند السلم الأزرق، يدخل الفائزون وسط عدسات العالم، ثم ينتقلون إلى القاعة الكبرى وسط موسيقى أوركسترالية كلاسيكية حيث يجلس أكثر من 1300 ضيف من مختلف دول العالم. ترتيب الجلوس يخضع لبروتوكول دقيق، ويتوَّج الحفل بعشاء ملكي متعدد الأطباق التي لا يُكشف عنها إلا لحظة تقديمها، يتخلله خطب رسمية تحتفي بالعلم وبالجهود الإنسانية التي تقف وراء كل اكتشاف. وفي القاعة الذهبية، حيث تتلألأ الجدران بملايين قطع الفسيفساء، يبدأ الجميع رقصة الفالس التي تعلن عن ختام الاحتفال.

لكن وهج هذه الليلة لم يكن في البروتوكول وحده، بل في حضور عالم عربي يجلس بين العائلة الملكية السويدية وبين نخبة العلم العالمي، حاملًا معه قصة نجاح تلهم أجيالاً كاملة. فقد أصبح اسم عمر ياغي رمزاً لقدرة الباحث العربي على أن يكون جزءاً من مراكز الابتكار الكبرى، وأن يسهم في حلول قد تغيّر مستقبل البشرية. إن تكريمه في نوبل ليس احتفاءً بعالِم واحد، بل رسالة أوسع تقول إن الإبداع لا يعرف حدوداً، وإن المعرفة حين تُمنح الفرصة تثمر اكتشافات تتجاوز الجغرافيا والثقافة، لتصبح ملكاً للعالم بأسره.

 


مشاهدات 37
الكاتب فاروق الدباغ
أضيف 2025/12/13 - 1:05 PM
آخر تحديث 2025/12/14 - 5:53 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 206 الشهر 10059 الكلي 12793964
الوقت الآن
الأحد 2025/12/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير