نافذة
عبد المنعم حمندي
أتفقدُ نافذتي، ثم أفتحها
كلّما ضقتُ ذَرْعاً بهَمٍّ
أرى أفقاً أسودَ،
تعتريني الهواجس من لفحات شداد
كيف أغلقها ؟
وبها أستعيدُّ الندى ، والشهيقَ الذي لا يُعاد
وما رسمَ الضوءُ في الأخضرِ المتربّعِ ،
فوقَ انكسار الستائر ،
في الظلِّ بين الكُوى وانحسارِ السوادْ
اختلطَ اللونُ بالعتماتِ ،
وأيّ شعاعٍ يُضلّ المدى بالظلالِ
ويعمي النوافذَ قبل العيون
التي تستضيفُ الوهادْ
كلّ ما يملأُ الأفقَ شاخَ ،
وكلُّ الستائر سجنٌ تلفّعَ بالكونكريتِ
وكلُّ الذي يُرتجى مثقلٌ بالأسى والحِداد
….
قلمي غاضبٌ ،
والحزينُ دمي قبل نوّح السماء
وما خبّأَ النهرُ في غدهِ ،
حالمٌ بالنوارس ..
هل تستفيقُ البلادْ ؟
…
أتفقّدُ نافذتي ، ثمّ أغلقُها ،
هل أصدَّ نعيقَ الغُراب الذي يشرئبُّ ،
على شُرفتين من الريحِ ؟
: يا ويحَ هذا الغراب
كانَ ينذرُنا بالرزايا التي عرّش الخوف فيها
وفي نزفنا..
في دموعِ القِبابْ
و يُغيّر من طبعِ ما يُسكِرُ الحالمين ،
وهل يَسكرُ الحالمون ؟
: سكرَ الحالمون ..وصبّوا الكؤوسَ ،
سكرنا ..احتسينا دمانا .!
وأيّ الدماء لنا خمرةٌ تستطيبُ العذاب ؟
وأيّ دمٍ يستطيبُ الترقّب خلفَ النوافذ ..؟
لا.. كلّما قد أطلنا النظرْ ..إستزدنا الخراب
فليس هنا ..
أو هناك سوى موجةٍ من سرابْ
…..
يحرسُ النهر شطآنَه ،
غير انّ الضفافَ التي لفظتْ زبدَ الموتِ
لم تستجب للعُباب
تتطهّرُ بالياسمين ،
وتفتحُ في السرِّ نافذةً ، تزدهي ،
كلّما كثّفوا في الظلام الضباب !!
. " "