آثار الأمانة والعِفَّة قصة المبارك مع نوح بن مريم
حسين الصدر
كان المبارك عبداً مملوكاً لرجل غني اسمه نوح بن مريم، وطلب منه سيده أن يحرس البساتين التي كان يملكها.
وبعد عدّة شهور ذهب نوح ليتفقد البساتين، وكان معه مجموعة من أصحابه فقال للمبارك: ائتني برمانٍ حلو، وعنب حلو،
فقطعت له رمانات وقدّمها إليه فإذا هي حامضة، وكان العنب حامضاً أيضاً.
فقال له نوح:
يا مبارك ألا تعرف الحلو من الحامض؟
قال: لم تأذن لي يا سيدي أن آكل منه حتى أعرف الحلو من الحامض.
فتعجب نوح وقال:
ما أكلت شيئاً وأنت هنا منذ شهور؟
قال المبارك: ولا ذقت شيئاً
ووالله ما راقبتك ولكني راقبت ربي فتعجّب سيده من تلك العفة ومن هذا الورع وظن في البداية أنه يخدعه، فلما سأل الجيران وقالوا:
ما رأيناه يأكل شيئاً أبدا، تأكد من صدقه وورعه وعفته، فقال: يا مُبارك: أريد أن استشيرك في أمر عظيم.
قال: وما هو يا سيدي.
قال: إن لي ابنة واحدة وتقدّم لها فلان وفلان وفلان من الأثرياء فيا ترى لمن أزوجها؟
قال له المبارك: يا سيدي إن العرب للحسب والنسب، والمسلمون يزوجون للتقوى فمن أي الأصناف أنت؟
زوج ابنتك للصنف الذي أنت منه.
فقال نوح: والله لا شيء أفضل من التقوى، ووالله ما وجدت انساناً أتقى لله منك، فقد اعتقتك لوجه الله وزوجتك ابنتي.