الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وعود الأحزاب .. من اللحم الى الماء

بواسطة azzaman

وعود الأحزاب .. من اللحم الى الماء

صباح زنكنة

 

هناك طريفة عن عائلة شديدة البخل الأب والأم والأبناء، وكل فرد احدهم أبخل من الآخر.

ذات مره جاء الخال لزيارتهم وقت الغداء، فنادى الأب ابنه الأكبر وقال له: «اذهب إلى السوق وأحضر أفضل لحم من عند الجزار وغمز بعينه.

ذهب الابن وعاد بعد ساعة وهو لم يحضر شيئا فاستاء الخال  وسأله الأب بغضب متفق عليه: «أين اللحم؟».

أجابه الولد: ذهبت إلى الجزار وقلت له أريد أفضل لحم عندك فقال لي: سأعطيك لحمًا مثل الزبدة .. فقلت في نفسي إذن الزبدة أفضل من اللحم، وتركته وذهبت إلى السوبر ماركت».

قلت له أعطني أفضل زبدة عندك فقال لي سأعطيك زبدة مثل العسل فقلت في نفسي إذن العسل أفضل من الزبدة، وتركته وذهبت إلى بائع العسل وقلت له أعطني أفضل عسل عندك فقال: سأعطيك عسلًا صافيا مثل الماء ، فكرت وقلت في نفسي، إذن الماء أفضل من العسل ونحن في البيت عندنا ماء، فرجعت ولم أحضر شيئا !؟؟

استاء  الخال وأمسك بطنه من شدة الجوع واصبح يلعن الساعة السوداء التي جاء بها الى بيت اخته..!!

أخذ الأب ابنه جانبا وقال: «سلمت ايدك، تربيتي لك تذهب هباء وسدى، لكنك قصرت في شيء واحد وهو انك بتجوالك الطويل استهلكت حذاءك !!

اجابه على الفور : لا تخف يا أبي اوصتني أمي ان اذهب بحذاء خالي»!؟

مرآة ساخرة

هذه الطريفة ليست مجرد نكتة عابرة بل مرآة ساخرة لعالم السياسة والأحزاب حيث تتكرر رحلة الوعود على شكل سلسلة من “اللحم والزبدة والعسل والماء”، فالحزب الذي يعدنا بأفضل “لحم” للتنمية والعزم على التقدم سرعان ما يقنعنا أن  الاساس هي “الزبدة” كونها الافضل ثم يلهينا بـ”عسل” الرفاهية قبل أن ينتهي بنا المطاف إلى كأس ماء بارد يقال لنا إنه أعظم النعم.

وفي النهاية، لا نأكل لحمًا ولا نذوق عسلًا، بل نُترك جائعين مثل الخال الضيف!!.

اغلب السياسيين مثل الأب في الطريفة قد يصفقون لأتباعهم حين يبرعون في لعبة التبرير، ويعتبرون “المشوار الطويل « في الأسواق السياسية دليلاً على الفطنة لا على العجز فهم يرون في ضياع الوقت والجهد انتصارا تكتيكيا ذكيا ما دام الجمهور قد شُغل عن غايته الأساسية بأن هناك وجبة حقيقية ستشبع حاجته! والذي سيكون لاحقا هو الخاسر الأكبر، والذي يجد نفسه موقع “الخال”، الذي  يعصر بطنه من الجوع، متسائلًا: أين وعود الإصلاح؟ وأين خيرات الدولة التي تحولت في الخطابات إلى ولائم عامرة؟ اين القانون الذي كلنا متساوون امامه!!

أما الابن الذي ارتدى حذاء خاله، فيُشبه ذلك السياسي الذي يستهلك موارد الآخرين ليغطي به فشله، فهو لا ينفق من جيبه بل ينهك أقدام الشعب وأحلامه ثم يعود ليتباهى أمام أبيه (أي الحزب أو الزعيم) بفطنته بتحويل الخسائر إلى انتصارات وهمية غير واقعية !!.

الطريفة توضح ان كل شيء بات مكشوفا ولا حاجة لتحليلات معقدة لفهم اللعبة بينما الطرافة المرة في السياسة تكمن الوعود انها تُقدم بأثواب براقة ،كل وعد ابهى وأجمل من سابقه حتى يكتشف الناخب بعد سنوات من الركض خلف الشعارات أنه عاد بخفي حنين مكتفيا بشربة ماء يقال له إنها “قمة العطاء”!!.

رئيس مركز الخبراء للدراسات الاستراتيجية

 


مشاهدات 53
الكاتب صباح زنكنة
أضيف 2025/09/26 - 5:57 PM
آخر تحديث 2025/09/27 - 8:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 323 الشهر 19560 الكلي 12037433
الوقت الآن
السبت 2025/9/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير