سيد قطب .. الإعدام

شامل بردان

في التاسع و العشرين من آب 1966 تم تنفيذ حكم الاعدام بسيد قطب و مجموعة متهمين تراوحت احكامهم بين الاعدام و السجن و البراءة.

لم يكن مستغربا ان ينتهي سيد قطب الى الاعدام، بل المستغرب ان يكرر جمال عبدالناصر عفوه عن قطب بعد عفو سابق حصل بتدخل من الرئيس العراقي عبدالسلام عارف.

نظام مصري

القضية رقم 12 لسنة 1965 لما عُرِف بتنظيم 65، كان ثاني مواجهة رئيسية بين النظام المصري وجمال عبدالناصر ضمن كيانهم الرسمي وبين تنظيم الاخوان و سيد قطب ضمن كيانهم العميق.

في قضية سنة 65 متهمون كثيرون، لكن ما يميزها هو تطوير تنظيم عقائدي مسلح وضع تصورات و خططا لا تبدو الا خطرة لكنها صعبة التنفيذ، لاسفاط نظام حكم ناصر، بل هي لم تدخل مرحلة الشروع مثلما دخلت المواجهة الاولى التي قيل ان رصاصات مباشرة انطلقت على جمال في يعرف بحادثة المنشية و التي اعدم بعدها عبدالقادر عودة و محمد فرغلي، وما اثير قبلها و بعدها من حكايات عن انتماء ناصر سابقا للاخوان.

المواجهة الثانية كانت استباقية من اجهزة ناصر التي احست بخطر التنظير الذي قدمه قطب و تطور بسرعة ليجد مقلدين متأثرين بالكاتب الذي ظهر اول مرة حالما رومانسيا متفتحا ثم قريبا من جمال و تأثير جمال على مجلس قيادة الثورة المصرية، ثم انسحابه سريعا الى مظلة الاخوان دون تبعية بل بندية فكرية.

لاينفع القول بأن اعدام سيد قطب كان خطأ سياسيا و فيه كثير من تحامل جمال على شخص جمعته معه علاقة شخصية، لكن الخطأ يتجسد بأرث الاعدام و ما قدمه من مادة لكارهي حكم جمال و من مثل جمال ليكون دافعا لافراد و حركات اقلقت مصر و قتلت رئيسها لاحقا و هو انور السادات و راحت تهاجر و تعود لتفرض نفسها بوجوه عدة داخل المجتمع و قبالة السلطة او فيها.

راح سيد قطب و لم ترُح افكاره و لا زال البناء الذي اقام عليه لاحقون فكر و عملا يفوق ما كان يراه قطب لما اختار ان ينظر للمجتمع و السلطة.

ضحية عسكرية

ظل سيد قطب محافظا على صورة خارجية جلبت له الانتباه والكثير من التعاطف، فهو صاحب هيئة خاصة وتقاطيع مميزة قدمته ضحية للعسكرية والامنية المصرية المبالغ فيها، بل ان قسما من المــــــــــــتعاطفين معه ربطوا بين توقيت اعدامه و ما تلاها من نكسة حدثت لناصر بعد شهور قليلة وما صاحبها من انحراف اجهزته و محاكمتها و ختام حياة نائبه عبدالحكيم عامر.

اما كارهو قطب فقد قدموه سفاحا صامتا يتعكز على مرضه وخصوصية وضعه العام الشبيه بالزهّاد.

بين الصورتين ثمة صورتان، حقيقة الرجل و نواياه، و كتاباته التي هي المادة الاساس لراديكالية بقوة كامنة.