حين يتقدّم الأخ الكبير حاملاً أوجاع شعبه
الهام عبدالقادر عبدالرحمن
أن تكون قائدًا في وقت الرخاء، فذلك سهل. لكن أن تمشي في قلب العاصفة، وتظل واقفًا، تحمل هموم الناس وكأنها دمك، فذلك ما يُظهر المعدن الحقيقي للقادة.
في إقليم كوردستان، حيث الألم أصبح جزءًا من الحياة اليومية، يعيش الموظفون منذ أكثر من عقد مأساة انقطاع الرواتب. الجوع لا يُؤجَّل، والمدارس لا تنتظر، وأسعار الحياة ترتفع بينما الأجور غائبة. وفي خضم هذه العاصفة، نقف أمام مشهد إنساني يليق بالاحترام: السيد مسرور بارزاني، رئيس حكومة الإقليم، وهو يحمل هذه الأعباء بصمت، يمضي، يركض، يفاوض، يتنقل من ملف إلى آخر، لا بحثًا عن مجدٍ شخصي، بل عن كسرة خبز تحفظ كرامة الإنسان الكوردي.
منذ توليه رئاسة الحكومة، دخل بثقة الشباب وابتسامتهم، لكنه اليوم يحمل على وجهه ملامح شعبٍ بأكمله. اختفت الابتسامة، وحلّت محلّها نظرة صبرٍ وأسى. كل شعرة بيضاء في رأسه تحكي قصة عائلة لم تقبض راتبها، طفل لم يشترِ ملابس العيد، أبٍ عجز عن دفع أجرة منزله.
هو ليس مجرد رئيس حكومة. هو الأخ الكبير الذي يشقى بصمت، كي لا يشعر شعبه بأنه متروك. كلما رأيته يتحدث، شعرت أن الحروف ثقيلة لأنها مشبعة بألم الناس. كلما ظهر على الشاشات، بدا لي أنه يحمل ألف رسالة غير معلنة: “أنا معكم... لن أترككم».
نعم، نختلف في السياسة، ونتجادل في الأرقام والاتفاقيات، لكن لا يجب أن يُعاقَب الإنسان الكوردي في رزقه. القضية لم تعد سياسية فقط، بل إنسانية بامتياز.
وإذا كانت بغداد تملك قرار الميزانية، فإنها تملك أيضًا قرار الرحمة. آن الأوان لحلٍّ جذري، ولاتفاق يضع حياة المواطنين فوق كل الخلافات. فالوطن ليس فقط حدودًا ونصوصًا، بل هو كرامة الإنسان.