الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البعد السياسي لمسرح الطفل .. التربية والتوعية


البعد السياسي لمسرح الطفل .. التربية والتوعية

حيدر كاطع المرشدي

 

مسرح الطفل ليس فقط وسيلة للترفيه بل يمكن أن يكون منصة للتربية السياسية الهادفة

من خلال النصوص والعروض يمكن توصيل قيم المواطنة العدالة السلام وحقوق الإنسان بطريقة تناسب وعي الطفل وتبني لديه وعيًا مبكرًا بالقضايا المجتمعية

التوعية بالقضايا الاجتماعية والسياسية

يمكن لمسرح الطفل تناول مواضيع مثل التنوع الثقافي المساواة بين الجنسين حماية البيئة والتسامح

هذه القضايا تُطرح عبر قصص بسيطة وأدوار محببة ما يجعل الطفل يتفاعل معها بشكل طبيعي ويبدأ في تكوين مواقف إيجابية تجاهها

حدود واحتياطات

رغم أهمية البعد السياسي يجب أن يُطرح بطريقة تراعي حساسية الطفل فلا يُستخدم كأداة للتلقين أو الضغط

كما يجب أن يُراعى التنوع الثقافي والاجتماعي للأطفال حتى لا يشعر أحدهم بالغربة أو الاستبعاد

دور المؤلف والمخرج

على الكاتب والمخرج اختيار الموضوعات بحكمة وتصميم النصوص والعروض بحيث تكون محفزة للتفكير وليست موجهة بشكل مباشر

التجارب الناجحة تعتمد على طرح الأسئلة وتحفيز الحوار بين الأطفال بدلًا من تقديم إجابات جاهزة

أمثلة عالمية

في بعض العروض الأوروبية تُستخدم المسرحيات لتعليم الأطفال عن حقوق الطفل وكيفية التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم

في دول أمريكا اللاتينية تقدم عروض مسرحية للأطفال قصصًا عن السلام والمصالحة بعد الصراعات لتعزيز قيم التعايش

الخلاصة

البعد السياسي في مسرح الطفل هو أداة قوية لبناء جيل واعٍ وقادر على المشاركة الفعالة في مجتمعه

لكن نجاح هذا البعد يعتمد على توازن دقيق بين التربية والحرية وبين التوعية والاحترام لخصوصية الطفولة

مسرح الطفل حيث تُزرع بذور الإنسان

تمهيد:

ليس المسرح مجرد منصة للعرض ولا الطفل مجرد متفرج صغير بل إن لقاء الطفل بـالمسرح هو من أعمق اللقاءات التي تحدث في التكوين البشري لأنه لقاء بين البراءة والوعي بين التكوين الغضّ والرسالة الفنية.فمسرح الطفل ليس ترفًا ولا نوعًا فرعيًا من الفنون بل هو الأساس الذي يُبنى عليه وعي الأجيال

مسرح مهم

أولاً: ما هو مسرح الطفل ولماذا هو مهم؟

مسرح الطفل هو ذلك الشكل المسرحي الموجَّه خصيصًا للأطفال من حيث اللغة الفضاء الحبكة الشخصيات وحتى الإيقاع البصري والصوتي لكن أهميته تتجاوز الترفيه لأنه يزرع في وعي الطفل مفاهيم مثل

التفكير النقدي

التعبير عن الذات

فهم الآخر

الإيمان بالخيال كقوة تغيير

في مسرح الطفل يتعلم الطفل كيف يكون بطلًا لا متفرجًا وكيف يُعيد تشكيل العالم بخياله قبل أن يتشكّل هو بانكساراته

ثانيًا: مسرح الطفل مختبر المستقبل

إن الطفل الذي يرى الخير والشر يتصارعان فوق الخشبة سيتعلم لاحقًا كيف يميّز بينهما في الواقع الطفل الذي يرى شخصية تتغلب على الخوف أو تتحدى الظلم سينطبع داخله نموذج بطولي بعيدًا عن العنف

مسرح الطفل هو مختبر القيم حيث تُجرب الحياة وتُعرض المشاعر ويُعاد إنتاج الواقع بطريقة آمنة جميلة وبسيطة

ثالثًا: هل نأخذ مسرح الطفل على محمل الجد؟

الجواب المؤسف في كثير من التجارب العربية: لا يُعامَل مسرح الطفل غالبًا كمجال ترفيهي خفيف وتُقدَّم له نصوص ضعيفة وشخصيات سطحية وأداءات مهرّجة لا تحمل أي عمق في حين أن أكثر الفنون حاجة للجدية والاحتراف هو هذا المسرح بالذات لأنه يخاطب عقلًا في طور التكوين

أي خطأ في الرسالة المسرحية قد يتحول إلى جرح في وعي الطفل وأي تسطيح للشخصيات أو الحوار قد يغلق باب الخيال بدل أن يفتحه

رابعًا: عناصر التميّز في مسرح الطفل

لكي يكون مسرح الطفل مؤثرًا ومتميزًا لا بد من توفّر العناصر التالية نص ذكي يحترم عقل الطفل ويحمل رسالة تربوية من دون تلقين

خلق الالفة

شخصيات حيوية تحمل أسماء ومعاني ورموزًا تخلق الألفة وتغرس القيم

مخرج واعٍ يفهم سيكولوجيا الطفل ويستخدم الإيقاع واللون والحركة بما يناسب إدراكه

ممثلون صادقون لا يكتفون بالتسلية بل يُجيدون مخاطبة الطفل عبر الحسّ والصدق والتفاعل ديكور وصوت وإضاءة تُخاطب الحواس الخمس وتُحوّل المسرح إلى حكاية حيّة

خامسًا: الطفل ليس أداة بل شريك في العملية المسرحية في التجارب المسرحية المتقدمة لم يعد الطفل مجرد مشاهد بل أصبح شريكًا في تكوين العرض تُقام ورش مسرحية حيث يشارك الأطفال في كتابة النص أو أداء أدوار بسيطة أو تصميم مشهد هذه المشاركة تُحول الطفل من مستقبل إلى خالق ومن متلقٍ سلبي إلى فاعل ثقافي صغير

سادسًا: من أجل مسرح طفل عربي يرتقي

ما الذي ينقصنا؟ ليس الأطفال فهم موجودون في كل بيت وليس الخشبة فهي موجودة في كل مدينة ما ينقصنا هو نصوص مسرحية تُكتب خصيصًا للطفل من كتّاب متخصصين

مؤسسات تُمول وتؤمن بأهمية هذا المسرح

مهرجانات تحتفي بإبداع الأطفال لا تستخفّ به نقد مسرحي حقيقي لمسرح الطفل لا يُعامله كشيء جانبي

خاتمة: المسرح الذي لا يُربّي الأطفال يُربّي غيابهم

إذا لم نغرس في الطفولة قيم الجمال والحرية والحوار فمتى سنفعل؟

مسرح الطفل هو المكان الوحيد الذي يمكن فيه للطفل أن يضحك ويتعلّم ويحلم ويواجه نفسه والعالم في آن واحدفلنمنح هذا المسرح ما يستحقه من جدية عمق ودعم لأنه ببساطة مسرح الحياة الأولى

 


مشاهدات 91
الكاتب حيدر كاطع المرشدي
أضيف 2025/06/28 - 12:08 AM
آخر تحديث 2025/06/28 - 6:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 170 الشهر 17197 الكلي 11151851
الوقت الآن
السبت 2025/6/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير