المجالات الجوية المغلقة وتأثيراتها الإقتصادية
فارس الجواري
منذ بداياته برز الدور الحيوي لقطاع الطيران المدني حول العالم أجتماعيا في تقديمه خدمات تسهيل حركة الأفراد أثناء تنقلاتهم لاغراض التواصل والتجارة والسياحة والعلاج واقتصاديا في دعمه للناتج المحلي في اقتصاديات المحلية لتلك الدول واسهامه الفعال في التنمية الاقتصادية لها , لذلك كانت هناك تأثيرات سلبية على هذا القطاع تبرز بين الحين والاخر نتيجة حدوث الصراعات والحروب داخل الدولة او في محيطها الاقليمي مما يضطرها الى إغلاق المجالات الجوية لتلك الدولة ومحيطها بوجه الرحلات وايقاف حركة المسارات فوق سمائها للحفاظ على السلامة التي تعتبر من المحرمات في الطيران المدني اثناء الحروب والكوارث الطبيعية وهو ماسيؤدي الى تداعيات اقتصادية تعمل على تراجع النمو الاقتصادي لها .
أن مصطلح المجال الجوي في الطيران يشير الى الفضاء الجوي لدولة ما والتي سمحت بها أتفاقية شيكاغو المعروفة بكونها الاتفاقية الدولية المعتمدة من الامم المتحدة في تنظيم أليات عمل الطيران المدني الدولي حيث أعطت تلك الاتفاقية الحق للدول الأعضاء بالسيادة الكاملة على مجالها الجوي وفق قواعد تنظيم حركة الطيران لضمان السلامة والأمان من خلال تقديم المساعدات الملاحية للطائرات التي تحلق في نطاق مجالها الجوي شريطة استحصال موافقات مسبقة بالتحليق ضمن حدود المجال الجوي للدولة والتي تكون بالعادة متطابقة مع حدودها الجغرافية والسياسية علما ان هذه المجالات الجوية تتالف من مسارات تساهم بشكل فعال في تقليص وقت الرحلة وبالتالي تعمل على تخفيض الكلف التشغيلية لشركات الطيران وهذا يعني أن النقل الجوي يلعب دورًا رئيسيًا في دعم النمو الاقتصادي للدول على المدى الطويل.
ان الآثار الاقتصادية السلبية على قطاع الطيران المدني برزت كنتيجة حتمية لاغلاق المجالات الجوية فوق منطقة الصراع وتحديدا في عمليات النقل الجوي او تلك التي في المطارات والاهم تلك المتعلقة بالمسارات الجوية في سماء المنطقة , حيث تضع هذه الظروف القاهرة الاعباء على كاهل عمليات شركات الطيران وعلى ربحيتها بسبب إلغاء الرحلات أو تغيير مساراتها إلى مسارات أطول يكلفها خسائر مالية بسبب زيادة صرفيات الوقود أما الخسائر التي ترتب على توقف المطارات في استقبال وترحيل الطائرات تكون نتيجة توقف استحصال ايرادات تقديم الخدمات الارضية للطائرات واستخدام مرافق المطار الاخرى وتبقى الخسارة الكبرى تلك التي تاتي من توقف تقديم الخدمات الملاحية للطائرات العابرة للاجواء وهي ايرادات تقدر بملايين الدولارات شهريا حيث يستحصل من كل طائرة تعبر الاجواء مبلغ مالي يختلف من دولة الى اخرى فعلى سبيل المثال في العراق يستحصل من كل طائرة تعبر الاجواء العراقية مبلغ وقدره 450 دولار وحسب اخر احصائية لوزارة النقل العراقية هناك 700 طائرة تعبر يوميا الاجواء وهذا يعني ان هناك قرابة العشرة مليون دولار شهريا تدخل ميزانية الحكومة من هذا العبور .
أن استمرار الصراع الحالي بين إسرائيل وإيران يزيد من تعقيدات التعامل مع هكذا أزمة في ظل الحفاظ على سلامة المسافرين مما يستدعي القائمين على ادارة هذا القطاع البحث عن حلول بديلة وفعّالة بشرط إعطاء الأولوية للسلامة مما سيكون تحديا حقيقيا لمواجهة تلك الازمة التي نتمنى ان لاتطول كثيرا.