برغم الحاجة لهم.. الطيارين في العراق لايعملون
فارس الجواري
نعم هي أشبه بالمفارقة العجيبة في عالم الطيران عندما تشير الدراسات من المنظمات الدولية ذات العلاقة بارتفاع الطلب على الطيارين في جميع أنحاء العالم وخصوصا منطقة الشرق الاوسط والعراق تبقى شريحة كبيرة من الطيارين المتخرجين حديثًا فيها تعاني من صعوبة إيجاد فرص عمل لهم وهو ما يطرح تساؤلات مشروعة حول أسباب هذه المفارقة المتكررة في قطاع الطيران بالرغم من التوقعات التي تشير الى حاجة قطاع الطيران المدني العالمي إلى 460 ألف طيار تجاري جديد بحلول عام 2035 هذا الاحتياج مدفوعًا بنمو الأساطيل الجوية بالاضافة الى ارتفاع الطلب العالمي على السفر الجوي تكون حصة الشرق الاوسط فيها 36600 طيار جديد .
أما المشهد الاكثر تعجبا الذي شهدناه في الاشهر القليلة الماضية هو الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات في بلدي العراق وتحديدا في العاصمة بغداد من قبل عشرات من الطيارين المتخرجين حديثا للمطالبة بتعيينهم على ملاك الخطوط الجوية العراقية كونهم عاطلين عن اداء اعمالهم منذ تخرجهم كطيارين علما أنهم يمتلكون ساعات الطيران التي تلبي متطلبات التعيين والتي كلفتهم عشرات الالاف من الدولارات التي تم استيفائها من دخل عوائلهم وهذا معناه أنهم قطعوا أكثر من 60٪ من مشوار تأهيل وأعداد طيارتجاري وبمعنى اوضح انهم حاليا وبهذا الوضع يكونوا قد وفروا على الحكومة العراقية المتمثلة بوزارة النقل تكاليف بناء قاعدة موارد بشرية من الطيارين الذين سيرفدون الناقل الوطني شركة الخطوط الجوية العراقية لسد النقص الذي بدأت ملامحه تظهر حاليا بعد البدء باستلام الطائرات التي تم التعاقد عليها مسبقا وهي بحدود 45 طائرة هذا من ناحية ومن ناحية اخرى هؤلاء الطيارين المتخرجين سيكونوا داعم قوي لعمل شركات الطيران المحلية العراقية كونها تعمل وفق قانون العمل العراقي الذي يفرض عليها تشغيل أكثر من 50 ٪ من كادرها من العراقيين (وان لم يكون هناك وفرة من العراقيين المختصين حينها يفرض القانون على هذه الشركات تاهيل هذا العدد خلال فترة زمنية محددة ) ليحلوا محل الطيار الاجنبي العامل ضمن هذه النسبة المئوية ولكن برغم كل هذه المبررات المقنعة لم يسمع لاحد من هؤلاء الطيارين سواء شركة الخطوط الجوية العراقية الحكومية أو حتى من شركات النقل الجوي المحلية الثلاث العاملة حاليا في سوق الطيران العراقي بل جابهوهم بالرفض والغريب بالامر هوعدد من الذين أكملوا تدريباتهم على نفقة الإدارة العليا لشركة الخطوط الجوية العراقية لم يتم تعيينهم على ملاك الشركة بل اكتفوا بابرام عقود لهم بحجة عدم توفر تخصيصات مالية في جدول الموازنة الحكومية لهم متناسين أن هناك صلاحيات تخولهم بالحصول على الاستثناءات المطلوبة لهكذا فئة متخصصة ونادرة مما يشير الى عدم وجود خطط استرتيجية وتطويرية لمستقبل تشغيل شركة الخطوط الجوية العراقية وهذا بحد ذاته اخفاق اداري يجب على هذه الادارات العليا تداركها لمستقبل افضل لقطاع الطيران المدني العراقي وسوق النقل الجوي فيه.
لقد حان الوقت في ان تتخذ الحكومة العراقية قرارات مصيرية في اصلاح قطاع الطيران بشكل عام وقطاع النقل الجوي بشكل خاص وخصوصا نحن قريبين جدا من افتتاح مطارات اضافية في محافظات البلد وايضا هذا التنامي والطلب على السفر الجوي الذي اشرنا اليه في بداية المقالة بعد ان شهدنا في الفترة الاخيرة أستقرار امني واقتصادي كبير على مستوى الحياة العامة للمجتمع العراقي ولعل من ابرز هذه القرارات المقترحة واهمها هو تشكيل ( المجلس الاعلى للطيران المدني في العراق ) وحسب ماكان معمول به سابقا وفق المادة 124 من قانون سلطة الطيران المدني العراقي 148 لسنة 1974 والتي يحاول من فى الادارة الحالية للقطاع على ألغاء هذه المادة من المسودة الحديثة لقانون الطيران المدني العراقي الجديد , ان عمل هذا المجلس هو وضع الخطط الاستراتيجية ورسم سياسات التشغيل الصحيحة وفقا للوائح ومعايير دولية في الطيران تهدف الى تقديم خدمة عالية المستوى وايضا توفير في النفقات وتعظيم الايرادات تخدم ميزانية الحكومة وليس العكس كما حاصل الان , كما سيكون لها الدور الفاعل في تدارك مشكلة ستبرز خلال المرحلة القادمة في شركة الخطوط الجوية العراقية ألا وهي النقص الحاد في عدد كباتن الطائرات في الشركة نتيجة أمر أداري سابق صدر من احد المسؤؤلين السابقين في اعتماد عدد ساعات الطيران برقم 3500 ساعة لتحويل المساعد الى كابتن في حين القانون الدولي يسمح ابتداءا من 1500 ساعة صعودا وحسب كفاءة هذا المساعد في وقت تمتلك الشركة قاعدة موارد بشرية كبيرة من مساعدي الطيار الذين هم بالكفاءة وتتجاوز ساعات الطيران لهم ال 2000 ساعة ولم يتم تحويلهم بسبب هذه الاوامر الادارية وغيرها من المشاكل التي تتعلق بصيانة الطائرات وتلك التي تتعلق بالتدريب التخصصي الدوري للطيارين............ فهل من سامع او مجيب لهذه الدعوة .