مَن قال أنّ الكبير لا يتنازل؟
فاتح عبدالسلام
لماذا تصب جميع التحليلات المتداولة في مسار ترويج اعلامي وسياسي يفيد بأنّ الإدارة الامريكية لن تسمح بقيام تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، ولو بنسبة واحد بالمائة وليس 3.70 المخصصة للمجالات المدنية؟ كيف يمكن أن نصدق انّ المباحثات تسير بشكل جيد جدا كما وصفها ترامب، منع وجود هذه العقبة التي ترفض إيران تجاوزها او تقديم تنازلات بشأنها حتى اليوم.
لماذا تذهب التوقعات الى أن إيران في النهاية ستتنازل وتوافق على كل شيء سلامة لرأس نظامها الذي تلوح أمامه مقصلة المجهول المعلوم؟ أليس من المحتمل ان يذهب المفاوض الأمريكي الذي يضغط عليه ترامب من اجل عقد الاتفاق سريعا الى تطويع شرط التخصيب بما يحقق تقدماً في المفاوضات مع ضمانات دولية واقليمية، يبدو انها ستكون ذات فائدة للجانبين معاً وليس للجانب الإيراني دون سواه.
أليس استمرار المفاوضات بجولاتها المتتابعة دليلا على انه لا توجد نيات مُبيّتة مسبقة لقلب الطاولة في أي وقت وتعليق كل شيء في انتظار عمل عسكري مثلاً، كما كانت الاتصالات والجولات تجري عبر لجان التفتيش والوكالة الدولية مع العراق ابان حرب غزوه في العام 2003
اعيد ما قلته قبل أيام هنا، في انّ بديل فشل المفاوضات النووية هو قيام حرب تشمل اثارها المنطقة المحيطة بإيران، وهذا الاحتمال يكاد يكون مستبعدا في دول الخليج العربية التي تعيش استرخاءً عجيباً وقد اسقطت من حساباتها قيام حرب فوق رأسها اذا انفرط عقد المفاوضات النووية.
اين المصلحة الامريكية في قيام حرب مع ايران، قبل ان يذهب بعضنا الى ترجيح هذا الاحتمال، ذلك انّ الحروب في القاموس الأمريكي ليست ردة فعل عاطفية او شخصية من زعيم او حزب وانما هي اتجاه لمسار جديد في السياسة الدولية، فهل تشرع واشنطن بهذا المسار اليوم؟
هل تريد أن تعزّز وجودها العسكري في الشرق الأوسط، وهو أمر متحقق وقد تجاوزته بعد ثلاثين سنة الى مرحلة إعادة هيكلة ذلك الوجود وزيادة تنظيمه؟
المفاوضات النووية الإيرانية الامريكية صاحبتها أوهام وامنيات وعواطف، لكن كل ذلك لن يغطي على حقيقة ان الجانبين وبمستويات متقاربة جدا يدفعان باتجاه عقد الاتفاق وليس نحو فرط هذا العقد.