الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين يصغر المنصب أمام الاسم وأنا أم لعلي

بواسطة azzaman

حين يصغر المنصب أمام الاسم وأنا أم لعلي

شكرية كوكز السراج

 

في زمنٍ تزدحم فيه الألقاب، وتتسابق الألسن لتزيين الأسماء بهالة المجد، أقولها دون مواربة ولا تردد: لا تغرني المناصب، ولا تخدعني الألقاب، لان فخري الأسمى أنني «أم علي».

ليس «أم علي» مجرد اسم أعتز به، بل هو رمز لرسالةٍ حملتها بثباتٍ وإيمان، رسالةٌ لا تمنحها المناصب، بل تهبها الحياة لمن صدق العهد وأخلص العمل.

ولعل البعض في الخفاء يتهامسون، ينسجون خيوط الريبة، ويزعمون أنني أسعى لهدف شخصي، لمنصب أو جاه! هيهات! إن من ذاق لذة الإخلاص لا يساوم على كرامته.

وأعجب لمن يطعنون في الظلام، ويتوهمون أنني سألتفت، أنني سأبادلهم نزاعا بالشرف والنبل، لقد علمتني الحياة أن القتال الحقيقي لا يكون للغلبة، بل يكون لإثبات أن في الناس من يعمل لله، لا لهوى النفس.

وهنا أستحضر موقفًا يختزل الرجولة الحقّة، يوم وقف الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في ساحة المعركة، يواجه عمر بن ود العامري، ذلك الفارس الذي قيل عنه: لا يبارز والذي اجتاز خندق المسلمين متحديًا الجميع، فصمتت السيوف، وتراجع الفرسان، إلا واحدا... علي وحده خرج له.

ضربةٍ قاضية

وفي لحظةٍ اشتد فيها النزال، تمكن الإمام علي منه، وتأهب لضربةٍ قاضية، فاذا بعدوه يبصق في وجهه! فتوقّف، وتراجع خطوةً إلى الوراء، وحين سئل عن السبب، قال كلماته الخالدة:

«كنت أقاتله لله، فلما بصق في وجهي خشيت أن أقتله غضبًا لنفسي لا لله، فانتظرت حتى سكنت نفسي ثم قتلته خالصًا لله».

يا له من درس عظيم! الرجولة ليست بالسيف، بل في نبل الغاية، والشجاعة ليست في الرد، بل في السمو والرفعة، وهكذا أنا... إن قاتلت!!! قاتلت من أجل الحق لا انتقامًا، ولا سعياً وراء دنيا زائلة تحت مسمى «المنصب».

وإن «أم علي» ليست مجرد اسمٍ أتباهى به، بل هو عنوان لشرفٍ لا تزعزعه الأهواء، وقيمةٌ لا تغيرها المناصب، هو الاسم الذي يظل ثابتا أمام زيف المجاملات، وأمام انكشاف الأقنعة.

فيا من تتوارون خلف الظلال، وتطلقون الأحكام دون مواجهة... ليس من الرجولة أن تهاجموا امرأة من وراء الستار، وليس من الشرف أن تصنعوا الفتن باسم الطموح.

وختاما أقولها كما بدأتها: أنا لا أطلب رفعةً من منصب، بل أستمد رفعة نفسي من كونني «أم علي»... ومن كانت أمّا لعلي، فهي أكبر من أن تحتاج إلى لقب، وأسمى من أن تتسلق سلما صنعه غيرها.

 


مشاهدات 150
الكاتب شكرية كوكز السراج
أضيف 2025/06/04 - 3:52 PM
آخر تحديث 2025/06/06 - 10:47 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 249 الشهر 5133 الكلي 11139787
الوقت الآن
الجمعة 2025/6/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير