الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رحيل الثوري الهادئ خوسيه موخيكا.. أفقر رئيس دولة في العالم

بواسطة azzaman

رحيل الثوري الهادئ خوسيه موخيكا.. أفقر رئيس دولة في العالم

بغداد - احسان باشي العتابي

يوما بعد اخر، تثبت لنا الحياة، ان فقدان الانسان صاحب القيم والمبادئ الرفيعة،هو ليس مجرد غياب، بل هو ثلمة في جدار تلك القيم والمبادئ السامية ،والتي اصبح سدها امرا في غاية الصعوبة ،بسبب ازمة الاخلاق التي اخذت تفرض نفسها في كل مجتمع! رئيس الاوروغواي، خوسيه موخيكا، ذاك الرجل يساري التوجهات السياسية ، الذي لم تحركه الاضواء، ولم تغريه السلطة، يرحل تاركا خلفه إرثا اخلاقيا وسياسيا، لا اقول قل مثيله في عالمنا اليوم ،بل بدون مبالغة لا وجود له ربما!

توفي الرئيس السابق لأوروغواي، خوسيه موخيكا ،عن عمر ناهز 89 عاما ،بعد صراع طويل مع سرطان المريء ،حيث ساءت حالته في الاسابيع الاخيرة. ونعاه على منصة اكس رئيس الاوروغواي الحالي ياماندو أورسي قائلا: “ سنفتقدك كثيرا ايها العجوز العزيز،شكرا لك على كل ما قدمته لنا وعلى حبك العميق لشعبك”.

لم يكن موخيكا رئيسا عاديا، بل كان صوتا للمحرومين، وضميرا للعدالة، ورمزا للبساطة في زمن امتلأ بالتكلف والزيف.عاش كما كان يتحدث، ومارس السياسة دون اقنعة ،في وقت يمارسها الآخرين عملا بمقولة “الغاية تبرر الوسيلة”! لم يترجل عن جراره الزراعي، ولا عن سيارته الفولسفاكن طراز عام 1987،رغم كل العنوانين التي كان يمثلها.

هزمه مرضه ،بعد ان انتصر على كل الصعاب والمآسي التي واجهته بسبب ما يومن به، ولولا الاطالة لتطرقت لتلك الصعاب والمآسي التي عاشها بالتفصيل.عندما اخبره الطبيب قبل فترة من الان .

ان الفحوصات كلها اظهرت عدم استجابته للعلاج ،أجابه موخيكا : “ ازف وقت الرحيل،  واني ارمي سلاحي راضيا”! وطلب في المقابلة الاخيرة معه، ان يسمح له بالموت بسلام! لانه رجل عجوز ،ويعاني من مرضين مزمنين اثنين ،وان جسده لم يعد يتحمل المزيد!

وهكذا وبعد اشهر من الاحتضار البطيء والهادئ في بيته المتواضع خارج مونتيفيديو، ترجل عن صهوة الحياة الرجل الذي كان يحمل لقب “افقر رئيس في العالم”، والذي يعد رمزا لليسار الامريكي اللاتيني ،المناضل الذي طالما جسد الزهد والبساطة في الحياة العامة كما لا يخفى على الجميع.

سيذكر موخيكا، قبل كل شيء، كسياسي بسيط عاش دون ترف حيث جسد تماما روح الطبقة العاملة في امريكا اللاتينية، ولم ينجرف خلف وعود انتخابية مستحيلة، وكان فعلا قدوة، حيث عاش كشخص عادي ،حتى اثبت لشعبه انه احدهم.

وداعا ايها الرئيس الفقير،الذي فاق بغنى قيمه ومبادئه السامية ،الكثير ممن يطلق عليهم روساء وقادة وزعماء، ستبقى حيا في عقول وقلوب الذين يؤمنون أن الكرامة لا تحتاج قصورا.

 وان العظمة ليست في السلطة بل في التواضع،الذي منشئه منظومة القيم والاخلاق السامية ،التي يصعب على اصحاب الاقنعة ان يتخذونها طريقا يسيروا فيه ، فهي رداء الشجعان ،وليس رداء للمتخاذلين والمتلونين.

لروحك السلام والطمأنينة ، ولذويك وشعب الاوروغواي ، ومحبيك الصبر والسلوان.


مشاهدات 67
أضيف 2025/05/16 - 7:15 PM
آخر تحديث 2025/05/17 - 12:19 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 698 الشهر 21224 الكلي 11015228
الوقت الآن
السبت 2025/5/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير