إستحداث مفاجئ
محمد الربيعي
يثير دهشتي، بل واستغرابي العميق، اعلان وزارة التعليم العالي عن ميلاد «كلية المتميزين» في رحاب جامعة بغداد.
لماذا هذا الاستحداث المفاجئ؟ الم تنجب جامعاتنا وكلياتها القائمة على امتداد عقود من الزمن نخبة من العقول والكوادر؟ ولمن تحديدا توجه هذه الكلية الوليدة خدماتها؟ اهي نخبة مصطفاة، تنتزع انتزاعا من سياق تعليمي متهالك؟ وما الجدوى الحقيقية المرجوة منها؟ هل ستنتج هذه الكلية وظائف نوعية جديدة تتجاوز ما تعانيه الكليات الاخرى من تخمة في بعض التخصصات وشحة في اخرى؟ الا يمثل هذا الاجراء، في جوهره، مجرد تكتيك دعائي اخر لتلميع صورة التعليم العالي الباهتة، دون الغوص في اعماق مشاكله المستعصية وتقديم حلول جذرية؟
اخشى ما اخشاه ان تكون هذه «الكلية المتميزة» مجرد فقاعة اعلامية صاخبة اخرى، تطلق وعودا براقة بالتميز، لكنها تفتقر الى تربة خصبة من مناهج محكمة وكادر تدريسي مؤهل بحق. الا يثير هذا التخصيص السخي لحوافز مغرية لفئة قليلة من الطلاب علامات استفهام كبرى حول عدالة الفرص التعليمية؟ اليس فيه تجاهل صارخ للاحتياجات الملحة لبقية الكليات التي تئن تحت وطاة نقص الموارد وتدهور البنية التحتية؟
بل يبدو لي جليا ان هذا المسعى سيفضي حتما الى مزيد من تشتيت الجهود الشحيحة اصلا، بدلا من تركيزها الحاسم على تطوير شامل ومتكامل لمنظومة التعليم العالي بأسرها. الا يعكس هذا التوجه يأسا دفينا من اصلاح الكليات القائمة، ولجوءا مستسلما الى حلول سطحية لن تحدث تغييرا جوهريا في مخرجات التعليم المتردية؟