الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الصعلكة.. تصحيح مفاهيم


الصعلكة.. تصحيح مفاهيم

قاسم حسين صالح

 

اثار منشورنا في الفيسبوك عن  الشاعر (موفق محمد) مفاهيم سلبية واخرى خاطئة عن (الصعلكة) ..ما اضطرنا ان نكتب مقالة علمية عنها ..نأمل  ان توحد فهمنا لاسيما بين الشعراء ونقاد الشعر.

*الصعلكة صفة تطلق على الصعلوك الذي يعني الفقير،وتصعلك يعني افتقر وصعلكه يعني افقره..حسب القاموس المحيط (ص 740).

ويبدو ان الشعراء والنقاد العراقين لا يمتلكون مفهوما موحدا ومحددا بخصوص الصعلكة.

فلقد توجهنا لعدد منهم عن مفهومهم للصعلكة،فكانت اجاباتهم مختلفة.

فالشاعر الراحل الفريد سمعان وصف الشعراء الصعاليك بأنهم “كانوا يعملون بحرية وانطلاق اكثر من سواهم،وعدم التقيد بالتقاليد الاجتماعية، وجاءت تسميتهم بالصعاليك من خلال احتقار الأثرياء لهم لتشويه سمعتهم”، فيما رأى الناقد ياسين النصير أنهم “هم الذين قلبوا مفهوم المرأة من كونها تابعة الى وجود وكيان وفكر”،فيما وصفهم الناقد دكتور محمد صابر عبيد بأنهم”اولئك الذين يتماهون مع ذواتهم على نحو مطلق ويستجيبون لأهوائهم الشعرية بلا حدود..يهملون كل شيء الا رغبتهم في التهام الحياة”.فيما وصف الناقد ناجح المعموري الصعلوك بأنه”مثقف محتج على الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي”.

ويعد الشاعر شاكر محمود سيفو الصعلكة”هروبا كبيرا واغترابا داخليا ولربما انهزاميا”،فيما يعدها الناقد طلال حسن بأنها “خروج عن التيار العام المتعارف عليه ،وليس كل صعلوك مبدع،بل ان بعض ادعياء الأدب يهربون الى الصعلكة”.

ولحل جانب من هذه الاشكالية ، نوضح ان المشترك السيكولوجي الذي يجمع ما بين شعراء “صعاليك البداوة” وشعراء “صعاليك الحضارة “ هو الشعور بالمظلومية والاضطهاد ،  والاختلاف بينهم في اسلوب التعبير عن هذا الشعور.  فشعراء صعاليك البداوة اعتمدوا الغزو لأنه كان اسلوب العيش السائد في زمانهم ،،وكانوا يشكلون عصابات او جماعات تستهدف الاغنياء والميسورين ، وما كانوا بمجموعهم شعراء،  فالشاعر عروة ابن الورد الملقب بعروة الصعاليك كان يجمع الفقراء ويغزو بهم ، وكان يترأسهم لا لكونه شاعرا بل لأنه كان فارسا وكريما في زمن الجاهلية ، وكان يمارس الغزو لا على الآسلوب الشائع حينذاك حيث قبيلة تغزو قبيلة بل استهداف الاغنياء فقط.

    ومع ان الشعور بالظلم واللاعدالة الاجتماعية كانا الدافعان الرئيسان لتمردهم ،لكن ان يوصف هذا التمرد بأنه ثورة او احتجاج ضد الفقر وأنه سخرية من واقع لا يحترم كرامة الانسان يمكن ان يكون اسقاطا من قبلنا على حركتهم،اي اننا ننسب اليهم انفعالات ما كانوا هم يشعرون بها.. وهذا هو الاختلاف بين شعراء صعاليك البداوة وشعراء صعاليك الحضارة..

فما يميز الصنف الثاني”صعاليك الحضارة” انهم يشعرون بحيف الاستحقاق ،وان شعورهم كان ذاتيا وانهم يختلفون عن صعاليك البداوة في وسيلة التعبير .

فصعلوك البداوة كان يغزو ويحتمي بالصحراء فيما صعلوك الحضارة لا يمتلك فرصة الافلات من السلطة ،فكان يسّرب او ينفّس عن تمرده او احتجاجه بالسخرية من الواقع في شعر يصاغ بمفارقات نقدية “كريكتورية”جميلة يمتلك شرعية اجتماعية وذائقة ادبية كالتي تمتع بها الشاعر حسين مردان،او الهروب من الواقع والارتداد الى الذات والانتحار التدريجي بالادمان على الكحول كما حصل للشاعر عبد الامير الحصيري.

ان شعراء الصعاليك لن ينتهوا ما دام هنالك فقر لكثرة مقابل قلّة تنعم بالرفاهية،وما دامت هنالك سلطة سياسية لا تمنح الموهبة الشعرية استحقاقها ، ومن هذا الطرح، ومن هذا الفهم..اعتبرت الشاعر موفـــق.. صعلوكا!              


مشاهدات 11
الكاتب قاسم حسين صالح
أضيف 2025/04/30 - 1:17 PM
آخر تحديث 2025/05/01 - 6:58 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 333 الشهر 333 الكلي 10994337
الوقت الآن
الخميس 2025/5/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير