الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الطعامُ‭ ‬نصٌّ‭ ‬مفتوح

بواسطة azzaman

الطعامُ‭ ‬نصٌّ‭ ‬مفتوح

علي السوداني

 

كنت‭ ‬سمعت‭ ‬ثرثرة‭ ‬كثيرة‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬الأدبي‭ ‬المفتوح‭ ‬منذ‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ .‬

حصل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬جلسات‭ ‬رائقات‭ ‬وظهيرات‭ ‬بائدات‭ ‬قضيتها‭ ‬والصحب‭ ‬بمقهى‭ ‬حسن‭ ‬عجمي‭ ‬البعيد‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أطيان‭ ‬الحيدرخانة‭ ‬وشارع‭ ‬الرشيد‭ ‬البغدادي‭ ‬الجميل‭ ‬‭.‬

كان‭ ‬ثمة‭ ‬خالد‭ ‬علي‭ ‬مصطفى‭ ‬ومالك‭ ‬المطلبي‭ ‬وشجاع‭ ‬العاني‭ ‬ومحمد‭ ‬مبارك‭ ‬وأحمد‭ ‬خلف‭ ‬وموسى‭ ‬كريدي‭ ‬وسامي‭ ‬مهدي‭ ‬وعبد‭ ‬الخالق‭ ‬الركابي‭ ‬وعبد‭ ‬الستار‭ ‬ناصر‭ ‬وذيول‭ ‬الستينيات‭ ‬والسبعينيات‭ ‬،‭ ‬وطلائع‭ ‬جيل‭ ‬الثمينات‭ ‬الذي‭ ‬تقلى‭ ‬بطاوة‭ ‬الحرب‭ ‬واستوى‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬الكتابة‭ ‬الجديدة‭ ‬مؤمناً‭ ‬عارفاً‭ ‬عالماً‭ ‬فاهماً‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬مدعياً‭ ‬استعراضياً‭ ‬جاهلاً‭ ‬ثرثاراً‭ ‬يهرف‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ !!‬

قالوا‭ ‬إن‭ ‬النص‭ ‬الحر‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬البناء‭ ‬اللغوي‭ ‬الطيب‭ ‬الذي‭ ‬تتداخل‭ ‬فيه‭ ‬الأجناس‭ ‬الكتابية‭ ‬جلها‭ ‬وجلاجلها‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬تتعثر‭ ‬عيناك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬القرائية‭ ‬المسبوكة‭ ‬،‭ ‬بالقصة‭ ‬والقصيدة‭ ‬والسيناريو‭ ‬والسينما‭ ‬وتعدد‭ ‬زوايا‭ ‬النظر‭ ‬والإخراج‭ ‬والرسم‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬مكتوب‭ ‬واحد‭ ‬مؤطر‭ ‬بعنونة‭ ‬ملتبسة‭ ‬كما‭ ‬رأيتها‭ ‬وقلدتها‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬كتابة‭ ‬وكتاب‭ ‬وقصة‭ .‬

الآن‭ ‬أشتهي‭ ‬أن‭ ‬أعكس‭ ‬ذلك‭ ‬المصطلح‭ ‬البهي‭ ‬المتين‭ ‬المخيف‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬من‭ ‬زخيخ‭ ‬الطبخ‭ ‬ووفير‭ ‬النفخ‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭ ‬والتحلية‭ ‬وما‭ ‬حولها‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تكسير‭ ‬ثوابت‭ ‬مطبخ‭ ‬الأم‭ ‬الرحيم‭ ‬اللذيذ‭ ‬الصحي‭ ‬،‭ ‬وصار‭ ‬الطعام‭ ‬ملوناً‭ ‬منفتحاً‭ ‬على‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬النظائر‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الخلطة‭ ‬بماعون‭ ‬واحد‭ ‬وقدر‭ ‬ويد‭ .‬

صار‭ ‬الأكل‭ ‬اليوم‭ ‬نصاً‭ ‬مفتوحاً‭ ‬،‭ ‬فلفة‭ ‬الهمبركر‭ ‬نام‭ ‬ببطنها‭ ‬اللحم‭ ‬ومعه‭ ‬شرائح‭ ‬جبن‭ ‬وأشياء‭ ‬أعجمية‭ ‬تعجم‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬المايونيز‭ ‬والكجب‭ ‬والصاص‭ ‬ودبس‭ ‬الرمان‭ ‬والقرنابيط‭ ‬البنفسجي‭ ‬والخردل‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬تأتيك‭ ‬هذه‭ ‬الملفوفة‭ ‬متضخمة‭ ‬منفوخة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬طابقين‭ ‬عضتهما‭ ‬معاً‭ ‬محنة‭ ‬ولطع‭ ‬الأصابع‭ ‬مزنة‭ ‬وخرير‭ ‬الصاص‭ ‬مهنة‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقع‭ ‬أبداً‭ ‬قبالة‭ ‬دكان‭ ” ‬أبو‭ ‬يونان‭ ” ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مشتولاً‭ ‬بباب‭ ‬ومقترب‭ ‬الكرادة‭ ‬الحلوة‭ !!‬

الزلاطة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬ثلاثية‭ ‬الطماطة‭ ‬والخيار‭ ‬والبصل‭ ‬،‭ ‬صار‭ ‬صحنها‭ ‬يتشاكل‭ ‬بقطع‭ ‬الجبن‭ ‬وسلمون‭ ‬السمك‭ ‬وفروخ‭ ‬طماطم‭ ‬بحجم‭ ‬لعبة‭ ‬الكريات‭ ‬الزجاجية‭ ‬،‭ ‬والزيتون‭ ‬المشرشح‭ ‬والمحشي‭ ‬بالجزر‭ ‬ومبروش‭ ‬قشر‭ ‬الليمون‭ ‬وحب‭ ‬الرمان‭ ‬وقطع‭ ‬البقصم‭ ‬المكعبة‭ ‬والمسطحة‭ ‬والمنبعجة‭ ‬وهوسة‭ ‬عظمى‭ ‬يسمونها‭ ‬الفتوش‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬وجهها‭ ‬الفستق‭ ‬والكازو‭ ‬ومكسرات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬البندق‭ ‬والجوز‭ ‬واللوز‭ ‬كما‭ ‬أعلمتني‭ ‬حبيبتي‭ ‬إيمان‭ ‬الجميلة‭ ‬،‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك‭ ‬ودواليها‭ ‬حتى‭ ‬يقامر‭ ‬المبدع‭ ‬الطباخ‭ ‬المجتهد‭ ‬بطبخ‭ ‬مرق‭ ‬الباميا‭ ‬العزيزة‭ ‬باللحم‭ ‬المفروم‭ ‬وأجنحة‭ ‬الدجاج‭ ‬،‭ ‬وسيقدم‭ ‬لحم‭ ‬الخروف‭ ‬المشوي‭ ‬مع‭ ‬كاسة‭ ‬عسل‭ ‬للتغميس‭ ‬والتطميس‭ ‬والتلحيس‭ !!‬

ثم‭ ‬أدخلوا‭ ‬لك‭ ‬على‭ ‬الشوربة‭ ‬الواحدة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬الخضار‭ ‬التي‭ ‬منها‭ ‬البروكلي‭ ‬والشجر‭ ‬والبزاليا‭ ‬وفحل‭ ‬القرنابيط‭ ‬الناعم‭ ‬ولهانة‭ ‬بنفسجية‭ ‬ورشقة‭ ‬مطيبات‭ ‬ومنكهات‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬أصلاً‭ ‬في‭ ‬عربانة‭ ‬أم‭ ‬حسن‭ ‬بكراج‭ ‬النهضة‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬دوحة‭ ‬عباس‭ ‬الأصلع‭ ‬بكراج‭ ‬علاوي‭ ‬الحلة‭ !!‬

اليوم‭ ‬كتب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإستثنائي‭ ‬العظيم‭ ‬الكريم‭ ‬الشجاع‭ ‬الفدائي‭ ‬نصه‭ ‬الإستطعامي‭ ‬الخاص‭ ‬الحلال‭ ‬،‭ ‬فانفتحت‭ ‬نبتة‭ ‬الخبيزة‭ ‬العزيزة‭ ‬على‭ ‬أختها‭ ‬الحويمضة‭ ‬على‭ ‬أخياتها‭ ‬من‭ ‬حشائش‭ ‬وأتبان‭ ‬وزهرات‭ ‬وأعشاب‭ ‬كان‭ ‬بعضها‭ ‬مخلوطاً‭ ‬بدمٍ‭ ‬طهور‭ ‬وبقهرٍ‭ ‬مبين‭ !!! ‬


مشاهدات 238
الكاتب علي السوداني
أضيف 2024/03/26 - 2:05 PM
آخر تحديث 2025/05/09 - 9:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1277 الشهر 11225 الكلي 11005229
الوقت الآن
الجمعة 2025/5/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير