تحريم الموسيقى وتحليل الفساد
عباس الحسيني
شاهدت بحزن بالغ حلقة التعرض لموضوع الغناء وللأسف الشديد يفوت الكثيرين ان اية واحدة في القران، لم تتعرض لأي نوع من أنواع التحريم للغناء، ولا حتى لمجرد النهي عن مجمل أنواع الفنون والنشاطات الإنسانية
والتحريم، كما يذهب المفكر السوري الإسلامي الدكتور محمد شحرور هو قطعي الدلالة خلص بالله ولا يحق لغير الله ان يحرم ، بل لم يرد في السيرة الحقيقية المنقاة ان الرسول قد حرم امراً ، او سلوكا، او ممارسة ما، خارج المنظومة القرانية
واكد ان التحريم شامل قطعي ابدّي، لا يحق ، ولا يجوز الخوض فيه إلا لله وحده.
حتى قال في باب التحريم: ما حرم الله ورسوله، لكنه في الطاعات افرد طاعة الله عن طاعة الرسول
بقوله: واطيعوا الله واطيعوا الرسول ، مما يعني أنهما طاعتان مختلفتان تماما.
وقد استدلّ الفقهاء الكلاسيكيون على تفسير بن عباس للآية التي نصها :
ومن الناس من يشري لهو الحديث، ليضل به عن سبيل الله بغير علم.
وللأسف فان هذه الاية لا علاقة لها لا لغة، ولا معنى ولم تنص على حرام بعينه، ولا حتى تنبيها، او نهيا، بل هي اية وصفية لحال سلوكي، يرتكبه بعض الأفراد دون علم، اي ان الله ليس بغاضب أصلا حسب جوهر وسياق الاية ، لعدم إثبات حجية العلم باستخدام لهو الحديث، وليست لها علاقة، بالمفهوم الفقهي والغناء ، بل نزلت في رجل من قريش، كان يحاجج الرسول أثناء تلاوة الايات بسرد قصص الأساطير في سومر وبابل وآشور
والذي أولها هو بن عباس حسب اجتهاده وهو مشهور بارتكاب كوارث نقلية وعقلية
الغناء والموسيقى هما من وسائل التعبير الإنساني التي منحها الله للبشر لخيارات الاستماع ، وتنمية الذكاء وإثراء الذاكرة الإنسانية للشعوب والأفراد ، حيث ان لكل شعب ومكون إنساني نشيده الوطني وتراتيله الدينية وأغانيه التاريخية وموسيقاه التي تؤدى بآلات شعبية قومية تعبر عن التجريد الروحي والنفسي العصي عن الكتابة
الموسيقى تعبر عما يعجز الأدب والشعر وبقية الفنون عن التعبير عنه، لأنها مجردة كلوحة ناطقة كما يصفها بيكاسو .
عبر الإنسان الأول عن مشاعره بالتصفيق والصراخ والدوران والحركات الإيمائية.
والرسول نفسه لم يرد عنه تحريم ما، لاي نوع من أنواع الفنون، إلا ما اجتمع على منكر بعينه
ثم توالت الموروثات الدسائسية لتلوين وتبرير اخطاء وكوارث الفقهاء الاوائل عبر التاريخ وتكذيب الرسول وال بيته وصحابته بدس الأحاديث عنهم زيفا وبهتانا لإظهار الفقهاء بمنزلة النقاء والطهارة والتعفف.
المعممون اليوم يذكرون ويعدون الموسيقى من الكبائر وهم بذلك يرتكبون انفسهم الكبائر، دون ان ينوه إلى ذلك احد.
لان احد اهم الكبائر قوله:
ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب: هذا حلال وهذا حرام.
لم نسمع عبر التاريخ ان معمما وقف إلى جانب الناس في استرداد حقوقهم او مقارعة طاغية او حتى التظاهر ضد الفساد والتبعية والخيانة العظمى للدين والشعب
ولم ولن نسمع ان فقيها قام او سيقوم بدور شعبي لإغاثة ملهوف او اسعاف مريض او اطعام فقير او حتى التزام الصمت
الفقهاء اليوم يشوهون الإسلام ويتدخلون عنوة في أمور منعهم الله من ان يلجوا فيها عبادي ليس ليس لك سلطان.
من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
وليس من مهام الفقيه إرسال الناس إلى الجنة والتحكم بسلوكيات الأفراد والمجتمع على حد سواء.