الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
علي (ع) وإدراك الحقيقة

بواسطة azzaman

علي (ع) وإدراك الحقيقة

عدنان سمير دهيرب

 

إن تراكم الأفكار والنظريات التي طرحها عدد من الفلاسفة وأعلام التاريخ الإنساني وما أعطت من آثار إبداعية ، كانت إضاءات لإزاحة عتمة العقول وظلام البيئات الاجتماعية التي كانت تعيشها قبل عصر التنوير . تلك الأفكار كانت لإنقاذ الانسان من الاستغلال والظلم والقسوة التي يمارسها الملوك والكهنة والنبلاء الذين قمعوا حرية الانسان لتحقيق غايات تلك السلطات المتغطرسة ، التي أنتجت غياب العدالة والمساواة ، وإطلاق إتهامات الزندقة والكفر ضد كل إنسان يرفض تلك الأساليب ، والتشابك بين السلطات الذي ينتهي الى القمع والمحاكمات الجائرة والحرق باسم الله بعد التعذيب في أماكن قذرة ، تشبه قذارة الانسان حين يطغى لفرض سطوته على كل مخالف أو متمرد على تلك السلطات . لذلك كان تحدي الفلاسفة والادباء والمفكرين يشكل علامة كبيرة في عملية إنتاج تحول وتغير باذخ لتلك المجتمعات . وهو تجسيد لعملية الصراع في التاريخ الإنساني بين الحرية والعبودية ، والعدالة والاستغلال ، والكفاح من أجل الكرامة لصياغة نصوص تحفظ حقوق الانسان . وقد إمتدت تلك الأفكار الى بقاع أخرى وشعوب وجدت في تطبيقها – ولو بعد حين – ضرورة للخلاص من الاستغلال والتمايز الطبقي وإنتشار الفقر والتخلف . وأصبح للنظريات والأفكار حركات سياسية في البلاد العربية والإسلامية تؤمن بها وتتخذها منهجاً في استمالة الجمهور والتأثير على اتجاهاته . فيما يزخر تراث وتاريخ هذهِ الشعوب برموز طرحوا أفكاراً عبقرية في العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والتمايز الطبقي ، ترددها بين الحين والآخر ، دون الإفادة منها لمعالجة الخلل الذي ما زال قائماً في توزيع الثروة وعمران الأرض وبناء الانسان .

مجتمع طبقي

ويذكر الباحث والشاعر جورج جرداق في كتابة المهم ، علي وحقوق انسان إن صديقاً له قال : يوم كنت في أحد البلدان الاوربية التي تسعى في تحرير الانسان من العوز والفاقة وويلاتها قلت لوزير معارض ذلك البلد : نحن العرب ، سبقناكم أكثر من ألف عام الى إدراك حقيقة المجتمع الطبقي التي تعملون أنتم اليوم على توضيحها . فقال الوزير الأوربي : وكيف كان ذلك ؟ قال : منذ بضعة عشر قرناً .. قال علي ابن ابي طالب ( ما رأيت نعمة موفورة الاّ والى جانبها حق مضيع ) فقال الأوربي : إنما نحن أفضل منكم ! قال : لمَ ؟ وكيف ؟ قال لأن عربياً منكم : كشف هذهِ الحقيقة منذ بضعة عشر قرناً وأنتم ما تزالون في مظلمة إجتماعية . فيما طبقناها نحن قبلكم . فأنتم متأخرون عنا بضعة عشر قرناً في هذا المعنى ! تلك الحقيقة بالغة الأثر ، النابعة من عقل عبقري لمعالجة الخلل الاقتصادي والاجتماعي ، نفتخر بها ، لكن نتجاوزها بل نهملها عند التطبيق ، مما أفضى الى ظهور طبقة ثرية وأفراد يمتلكون المليارات وغدت ( دولةً من الأغنياء دون غيرهم من فئات المجتمع ) . تراكمت ثرواتهم وتكدست أموالهم خلال عقدين ونيفٍ من الزمن ، لأسباب معروفة تتعلق بالفساد المالي وسوء استخدام السلطة وإستغلال موارد البلد . إذ يبلغ في العراق 36 ملياردير يملك كل واحد منهم أكثر من مليار دولار ، ويوجد فيه 16 ألف مليونير وفق المركز الفرنسي للأبحاث لعام 2023 وهذا الرقم يقينا أرتفع بسبب إستمرار العوامل التي أدت الى ظهور هذه الطبقة . فيما تبلغ نسبة الفقر متعدد الأبعاد أكثر من 17بالمئة في عام 2025 ( وزارة التخطيط ) . ما انتج عدم الرضا من شعب قسم الى طبقات دون خط البشر ، ومستوى خط الفقر ، ومتوسطة تلامس الفقر ، وأخرى تمتاز بالثراء المحمي من سلطات تزبر تلك الكلمات في الخطابات ، وتعلنها في الشعارات دون تطبيقها أو إدراكها الذي أدى الى تأخرنا وتقدمهم .

 

 

 


مشاهدات 53
الكاتب عدنان سمير دهيرب
أضيف 2025/11/24 - 3:25 PM
آخر تحديث 2025/11/25 - 1:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 61 الشهر 18003 الكلي 12679506
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/11/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير