الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين تصبح المؤسسة التعليمية محركاً للإقتصاد

بواسطة azzaman

حين تصبح المؤسسة التعليمية محركاً للإقتصاد

إسماعيل محمود محمد العيسى

 

التعليم والمؤسسة التعليمية اليوم هما الاقتصاد مستقبلًاليست جملة عابرة ولا حكمة تُقال في مناسبات عابرة، بل حقيقة أثبتتها التجارب الدولية والعربية، وأصبحت اليوم مقدمة لأي مشروع إصلاح، وأساسًا لكل رؤية تسعى لبناء دولة قادرة على المنافسة في عالمٍ تتحرك فيه المعرفة أسرع من النفط، وتصبح فيه المؤسسة أهم من أي مصنع.

إن مشاركتي في مؤتمر الشبكة العربية لضمان جودة التعليم في المملكة العربية السعودية بصفتي عضوا في مجلس ادارة الشبكة ورئيسا لأحدى الجلسات فيه؛ تأتي من هذا الإدراك العميق بأن جودة التعليم لم تعد شأنًا أكاديميًا محضًا، بل أصبحت قرارًا اقتصاديًا وسياديًا يصنع حاضر الدولة ويضمن مستقبلها.

لقد أدركت دول العالم المتقدم، قبل نصف قرن، أن الطريق إلى الاقتصاد القوي يمرّ عبر المدرسة، وأن الاستثمار الحقيقي يبدأ من المعلم قبل المعمل، ومن الطالب قبل المشروع، ومن المناهج قبل الموازنات.

فنلندا لم تُغيّر مسارها لأنها امتلكت ثروات، بل لأنها آمنت بأن جودة التعليم هي الثروة، فحوّلت المؤسسة التعليمية إلى ورشة تفكير، والمعلم إلى قائد تنمية، والطالب إلى قلب الاقتصاد.

وسنغافورة التي كانت في الستينيات دولة فقيرة بمواردها، غنية برؤيتها، ربطت المناهج بسوق العمل، وحررت المؤسسات التعليمية والمدارس من الجمود، فخرج منها جيل رفع البلاد إلى مصاف الاقتصادات الأكثر تنافسية في العالم.

وكوريا الجنوبية التي خرجت من الحرب مدمّرة، لم تبنِ نهضتها بالحديد والصلب، بل بنتها بالمؤسسات التعليمية والمدارس، لتصنع لاحقًا واحدة من أكبر الصناعات التقنية عالميًا.

وعندما نلتفت إلى تجارب عربية ملهمة، نجد أن السعودية والإمارات وضعتا التعليم في قلب مشروعهما الوطني، ففتحتا باب الشراكات الدولية، وطورتا المناهج، واستثمرتا في المعلم، وربطتا الجودة بالاقتصاد، فصار التعليم هو ركيزةاقتصاد ما بعد النفط”.

إن هذا المؤتمر، الذي يجمع نخبة من القادة والخبراء، ليس مجرد لقاء علمي، بل هو مساحة عربية عالمية مشتركة تُعيد الاعتبار لأهم سؤال في نهضة الأمة:

كيف نبني مؤسسة تعليمية عربية قادرة على صناعة اقتصاد عربي قوي؟

إن جودة التعليم ليست معيارًا أكاديميًا فقط، بل معيارٌ لسلامة الدولة، لاقتصادها، لمكانتها الدولية، لقدرتها على الإنتاج، واستعدادها للمستقبل.

وما دمنا نُدرك أن المدرسة اليوم هيمصنع الاقتصاد، فإن أي إصلاح تعليمي لا يقود إلى تنمية اقتصادية سيبقى ناقصًا، وأي نظام جودة لا يرتبط مباشرةً بالاستثمار الوطني سيبقى بلا أثر.

إن حضوري اليوم للمساهمة في مشروع عربي أكبر؛ مشروع يعيد للتعليم مكانته، وللمؤسسة العربية دورها، وللمعلم رسالته، ويجعل من الجودة ثقافة دولة لا إجراء مؤسسيًا.

فالمؤسسة التعليمية والمدرسة التي تُحسن بناء طالب اليومهي التي تبني اقتصاد الغد.

وفي المملكة العربية السعودية، التي تقود واحدًا من أكبر مشاريع التحول التعليمي في المنطقة في ظل رؤية 2030، يصبح الحديث عن جودة التعليم ليس ضرورة وطنية فقط، بل ضرورة عربية، إذ إن التجربة السعودية اليوم هي أحد أهم النماذج التي تربط بين الجودة والاقتصاد، وبين التعليم والتنمية، وبين المؤسسة التعليمية ومستقبل المنطقة بأكملها.

إنني فخور بالحضور والمشاركة، وبأن أكون جزءًا من هذا الحراك العربي الرفيع الذي يعيد للتعليم قيمته العلياويُذكّرنا بأن مستقبل شعوبنا يبدأ من كرسي الطالب، ومن كتابه، ومن يد معلمه.

 


مشاهدات 40
الكاتب إسماعيل محمود محمد العيسى
أضيف 2025/11/22 - 12:05 AM
آخر تحديث 2025/11/22 - 1:12 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 68 الشهر 15491 الكلي 12676994
الوقت الآن
السبت 2025/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير