خسارة شيوخ العشائر بالانتخابات
عبود وحيد العيساوي
اعتقد ومن الضرورة ان نقف ، امام ظاهرة ترشيح الكم الكبير من شيوخ القبائل والعشائر في الانتخابات الاخيرة ، و المؤسف والمؤلم خسارتهم بحدود ٩٥ بالمئة منهم ، اكيد لهذه الظاهره اسباب ، ويهمنا جدا ان نعرفها ، ولو بشكل مبسط سريع . والترشيح لمجلس النواب حق لكل مواطن يضمنه الدستور والقانون ، و ما يعزز هذا الحق طموح ورغبة الكثير من هذه الشخصيات المهمة ، التي ترى في نفسها القدرة على اداء المهمام المطلوبة في التشريع والرقابة ، لاسيما الكثير منهم كان اجدادهم اعيان ونواب في العهد الملكي ، وهو ارث سياسي يعتزون به ويرغبون بتكراره . و ما ذكر هو من المسلمات ، لكن ومن باب الاطلاع على نتائجهم في هذه الانتخابات ، فالامر محبط ، و مؤلم جدا ، فأين العلة ، كيف نشخص الاسباب التي دفعتهم للترشيح والتي سببت خسارتهم .
وحرص منا ، نرى ان هذه القامات التي تمتلك اصالة في التاريخ و مساحة في الجغرافية ، وهم ضمانة المجتمع ، و قوته في كل المراحل ، وعليه نرى ان ترشيحهم جاء لاسباب ، منها التجربة السياسية الحالية والتي انتابتها العلل وتفشي الفساد فيها ، وفقدان الثقة باغلب قادتها ، مما دفع الكثير منهم ، كمحاولة للمشاركة في الاصلاح . واكيد توجد رغبة عند الكثير منهم ، لتعزيز موقع مشيخته في قبيلته او عشيرته ، باسنادها بالسلطة والجاه الرسمي ، لاسيما نحن نعرف ما تعرضت له بنية القبائل والعشائر ، من تفرعات وانشقاقات ،وبروز جيل المستشيخين .
كل ماذكر له من وجهة واحدة ، اما الوجه الاخر ، نعتقد فيه ، ان قادة الكتل السياسية الجديدة خصوصا ، التجأت لهذه القامات ذات الثقل الاجتماعي الكبير ، لتقوية جمهورها ، وحشد اتباع لها ، ولتعزيز تنافسها مع الاخرين ، لذلك قدمت الوعود والعهود ، وما يهمنا ان نقول ، ومن باب الحرص ، كان المطلوب من الجميع الحذر والحيطه من المجازفه في هذا المعترك التنافسي ، وتجنب الاحراج ، وان يدرك الجميع ان المتغيرات والولاءات الحزبية اخترقت بنيه العشائر وحتى العوائل ، وجيل اليوم ليس جيل العقود السابقة . علاوة على عوامل الجذب ، وهو العامل المادي الذي نثر بشكل مهول ، في هذه الانتخابات ، ممن نثر الاموال لشراء الذمم ، وبالتالي انجذبت له الكثير من ابناء المجتمع العشائري ، مما اضعف الولاء لانتخاب للشيوخ .
واخيرا حصل الذي حصل فقد فاز من هو بعمر الابن او الحفيد منهم ، وقد يكون من عشيرة الشيخ نفسه ، وحقيقة علينا ان نفرق بين مفهوم الولاء للعشيرة في الامور العشائرية ، و مفهوم الولاء لها في الامور السياسي ، و الحذر من الخلط بين المفهومين ، حيث ان العمل السياسي لايجيده الا من امتهن السياسة ، والعمل العشائري لا يجيده الا اهله قادة المجتمع من شيوخ العشائر وزعماء القبائل ، كان على الجميع ان يكتفي بترشيخ احد افراد اسرته او عشيرته ، ويتجنب المجازفة بتاريخه وهيبته ،وتبقى ابوة الشيخ عامه لجميع ابناء العشيرة او القبيلة بمختلف انتماءاتهم السياسية ، عليه نرى انها تجربة مرت ، ممكن الاستفاده منها ، ويعلم الجميع ان اصوات هؤلاء الرموز قادة المجتمع هي باوراق نظيفة بيضاء كونهم اعتقدوا ان المبادئ مصانة ، و ان مابين الحلال والحرام جدار في الضمائر ، عكس الكثيرين الاخرين فقد كانت اصواتهم باوراق صفراء ، حولت موسم الانتخابات الى سوق العرض والطلب والمزادات لشراء البطاقات والاصوات ، اخيرا ما وددنا ذكره هنا هو لايضاح دواعي الترشيح واسباب فشل التجربة ، آملين الاستفاده من تجربة هذه المحاولة وظروفها وتفهم ماجرى فيها وعليها .