الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التجسّس.. خسارة تفوق ربحاً وسخاً

بواسطة azzaman

التجسّس.. خسارة تفوق ربحاً وسخاً

منير حداد

 

ذُمَّ التجسس حتى بات دنية تخسف بمن يتصفها الى حضيض إحتقار الناس.. منبوذاً، يحوك أحابيل الدهاء ليهجم بيوتاً بدم بارد وأعصاب مسترخية، لا مبالٍ.. نساء ورجال، يتطوعون للتجسس الذي لا يمنون منه إلا بإحتقار من تجسسوا له، أما من تجسسوا عليه؛ فـ»يا غافلين إلكم الله» ومن كان الله مولاه لن يضره حقد الأولين ولا شر الآخرين.. عليه توكلت فهو حسبي وإليه أنيب.

كثرة الجاسوسات والجواسيس من حولي، أكسبتني مناعة الصخر ضد مخالب فأرة؛ إيماناً مني بأن «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ.. الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ.. الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ.. زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ، يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ، نُّورٌ عَلَى نُورٍ، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ» وهؤلاء لم يشاؤوا أن يهتدوا فحال الشيطان بينهم والهداية وتركهم لشرهم يعود عليهم خسراناً.

نعود الى صاحبتنا الجاسوسة أو صاحبنا الجاسوس، ويحق لكل قارئ صياغة هذا المقال حسب ما يجري في حياته، مثل ما أتاحت فيروز لمستمعي أغنيتها «سلملي عليه» أن يضيفوا كوبليهاً من نضح ذائقتهم.

يتورط بخدمة مكلفيه، بفطارية بلهاء لا يشفع له الخبث بالإرتقاء الى مستوى إحترامه لنفسه وإحترام الناس له، ولا يكسبه وداً أو يرضي أحداً عنه، إنما يظل يتخبط في سبيل إرضاء سادته السائرون به وبأنفسهم الى سوء المصير.. دنياً وآخرة.

جاسوسيته لا تبلغه مأرباً، يحتقره حتى من كلفوه بالـ... والله يمهل ولا يهمل، فيحيق المكر السيء بأهله دائماً، وما افلح خبيث «إنه لا يفلح الظالمون» الآية 21 سورة الأنعام.

ولو بذل نفس الجهد بنزاهة للإرتقاء بوضعه الشخصي؛ لحقق مكاسب تفوق رضى أسياده وهم يلقون عظمة.. فضالة.. لـ... أمثاله.

الغباء مع الشر

تلك تركيبة شوهاء، تتكاثف في نساء ومثلها في الرجال، وأعني: جمع الغباء مع الشر، بالتجسس وسرقة محادثات الآخرين من خلال إنتهاز أية سانحة.. رصد الناس بهدف الإيقاع بهم، وهم على حب الله ساهون لا يستريبون بأحد؛ لأنهم مدركون ألا توجد أسباب تحث على التربص بهم من دون ما هدف.. إنما لوجه الشيطان فقط، وغالباً من أجل أهداف وضيعة، تحقيقها خزي لو كنَّ يستحيين من الخزي، ولكن لا حياء لمن ترضى لنفسها التشهير والتسجيل للناس أوان صفاء تجرجرهم خلاله الى قول ما تريده فخاً؛ فيستجيبون ببراءة.. على حب الله من حيث كره الشيطان وليس حب الله! والرجال ليسو بمنجاة من المؤاخذة!

الهدف من وراء ذلك الإبتزاز؛ لإشباع شهوة المال، بينما التضحيات الأخلاقية المقدمة تشكل خسائر تفوق المردود السيء المستحصل من ورائها؛ فتكون الخسارة أكبر من ربح وسخ.

وعندما نقر بشيطنة الإبتزاز، فهو قرينة الحاجة الصريحة للمال فعلاً أو معنوياً.. حيث يهبط مؤشر الأخلاق الى أدنى دركات ما تحت الصفر...

السبب الثاني للسطو على خصوصيات الناس، هو تشويه سمعة الآخرين والأخريات على حد سواء؛ وذلك كي ترى كل الناس ساقطين أخلاقياً بمقاييس الشرف.. مثلها.. فيضيع أبتر بين البتران.

وحسماً للتلميحات المبطنة، كشف وكيل وزارة؛ جاسوسةً زرعت في مكتبه؛ وحال ما بلغه التحذير... وقبل أن يلتقيها في الدوام اليومي كالمعتاد، سحبها زارعوها بإعتبارها ورقة محروقة.. مكشوفة الجانب؛ نبذوها إهمالاً.. خارج منظومة مندوبي التجسس المعتمدين في مستنقع الرذيلة.. ذاك؛ وبهذا الإقصاء تحققت الآية الكريمة «ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله» الآية 43 سورة فاطر؛ لأن الله متم وعده، يخسف بالظالمين أرض نجاستهم؛ فتنهار قصور من وهم فوق رؤوسهم، و... نحن الأعلون بمشيئة الله.

 


مشاهدات 43
الكاتب منير حداد
أضيف 2025/10/24 - 8:45 PM
آخر تحديث 2025/10/24 - 10:57 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 573 الشهر 16441 الكلي 12156296
الوقت الآن
الجمعة 2025/10/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير