الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تسلّط أولي النعم؟

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

تسلّط أولي النعم؟

محمد صاحب سلطان

 

من مفارقات الزمان الذي بتنا نعيش أحداثه، المضحكة المبكية في آن واحد، وفي أوساط العاملين بمختلف تخصصاتهم، سواء أكانوا إعلاميين أو موظفين في القطاع العام أو الخاص، أم من جمهور الحواضن السياسية والمجتمعية، ممن يسترزقون بما حباه الله من نعم، لكن يتحكم به البعض، فيحوله من ينبوع وفير إلى (قطارة) يكون لماسكها دور كبير جداً في شحتها!، على الرغم من تطفله وإمتصاصه لجهد العاملين لديه مثل بعوضة تعتاش على دماء ضحاياها.

وهؤلاء يطلق عليهم تندرا، ولي نعمة، له سلطات مطلقة في تسيير شؤون رعيته كيفما يشاء، وبمزاجية عالية التهور وبكيفية لا يحدها حد، وعلى الجميع الرضوخ لطلباته الآتية من نفس نرجسية التوجه، وبعقلية التسلط التي يدغدغ خلجاتها، فراغ الخواء الصفري لذات موهومة بالكفاءة والتفوق، لذا على الجميع الركون إلى رغائبها، وكأنها أوامر عسكرية لا تقبل النقاش، وهؤلاء المتغطرسين يرون أنفسهم،أصحاب  فضل على الناس، وهم لو كان بإيديهم، لمنعوا الناس من تنفس الهواء، و لأنهم في موقع سلطة أو مال، يتعاملون مع الآخرين بتعال وإستعلاء وتكبر، ويتجاهلون حقيقة إن القمامة هي وحدها من تكبر من جراء تراكم الأزبال!.. والمختصون بالعلوم السلوكية والنفسية، من أصحاب دارسي (إن في النفس لحاجات وحاجات)، ينصحون المتضريين من تسلطهم وتعجرفهم، بالهدوء والرد بالعقل لا بالعاطفة، لإن المتعجرف يسعى غالباً إلى إثبات تفوقه الهش، وأفضل ما يفقد توازنه هو الهدوء، من خلال عدم منحه فرصة التسلط أو الإهانة، وهذا يتم عن طريق تحديد المسافة بذكاء بين الطرفين، ويكفي التعامل معه وأمثاله بقدر الحاجة من دون إنكسار ولا مبالغة في الود، فالتودد عند هؤلاء، يعد علامة ضعف تسمح بمجازية العدوان عليك والإضرار بشخصك،متذكرين إن الكرم تفسده المنة، وإن الاحسان الحقيقي لا يذكر، وإن الفضل لله أولا وآخرا،وإن الناس بخير ما تواضعوا، مع تجنب الاعتماد على المتغطرس أو التعلق به، فكلما كان المرء مستقلا عنه، قلت مساحة تحكمه وغطرسته عليك.

ومثل أولئك، نراهم كثيرا في بيئات العمل، ممن يعرفون بتوصيف-أولي النعم- يلوحون بقطع ارزاق الناس، متى ما غضبوا، وكأن مفاتيح الرزق بيدهم وحدهم، كونهم يعيشون وهما عشعش في دواخلهم، بأن السلطة تعني إمتلاك مصائر الآخرين، وإن الخوف هو الوسيلة الأفضل لضمان الطاعة والولاء، فالمتسلط لا يملك إلا التهديد، لإنه عاجز عن الإقناع ولا يستطيع أن يكسب إحترام مرؤسيه، بعلمه وعمله وعدله، فيلجأ إلى سلاح الحرمان ليبقيهم خائفين، وهكذا يصبح الخوف، طريقته الوحيدة التي يحاول إستغلالها، تجاه حاجة الاخرين إلى التمسك بمصدر رزقهم أو موقعهم، لإنه يعاني في داخله شعورا بالعجز، يحاول إخفاءه بستار القوة المزعومة، لذا فإن بيئات العمل وأدواتها التي تصمت أمام هذا النوع من التسلط، تسهم من حيث لا تدري في إطالة عمره، فالخضوع يزيد من جبروت المتسلط، وكل (تملق) لكسب وده وإتقاء شره، في الإنحناء بوجه ريحه الخبيثة، ستزيده إستمراءاً بوهمه، وكسر هذا الحاجز يتطلب الإدراك، بإن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى، وإن اليد التي تمسك بالقوت ليست بالضروة هي صاحبة الفضل، وإنها مجرد سبب مؤقت، لكن المتسلط يغفل هذه الحقيقة، فيغتر بما أوتي من سلطة زائلة لا محالة، والتاريخ خير شاهد،فالكل إلى زوال، وتلك هي سنة الحياة، فلو دامت لغيرك ما وصلت إليك، ومن يعتقد بإن الولاء يشترى بالمنفعة، وإن من يرزقه سيظل تابعا له طالما إن مفاتيح الرزق بيده، تعد فكرة ساذجة، كونها تستغل من قبل المتسلطين إنفسهم، غير إن الحقيقة أبسط وأعمق من كل ذلك، فالرزق لا يقطع بقرار ولا يمنح بمنة، الرزق سنة إلهية تجري بأسبابها، لا تعطلها نزوة ولا يتحكم بها متغطرس، فمن أيقن إن رزقه بيد الله، لا يخشى تهديد المتسلطين، ولنتذكر من إن اليد التي تعطي اليوم يمكن أن تحتاج غدا، وقديما قيل (الظالم سلاحه خوف الناس، وإذا راح الخوف، راح سلطانه)!... فهل نتعظ؟!.

 


مشاهدات 76
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/11/08 - 1:15 AM
آخر تحديث 2025/11/08 - 4:41 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 130 الشهر 5162 الكلي 12366665
الوقت الآن
السبت 2025/11/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير