ديوان شعري جديد للشاعر الدكتور  شادي سعد  ثمار الأولياء .. البحث في مناقب الأنبياء والصالحين 

قاسم ماضي

عالم شعري يتخيله الشاعر الدكتور " شادي سعد " ويبني مدنه الشعرية وفق سياقات جديدة ذات ملاح دينية مقصودة ابتدعها شاعرنا لتكون شاهدة على عصره الذي نشبت به الصراعات الدينية والتي شكلت ابعادا سياسية لكل طائفة من الطوائف،كي يظهر لنا جمالية مملكته الشعرية المخبئة في دواخله والهامه عبرالعديد من قراءته التي شكلت عمقه المعرفي والجمالي ونحن بامس الحاجة الى تكوين رؤى موحدة اليوم .وفي قصيدة " ثمارُ الأولياء " يقول

حياضُ الأمان ،سلام ُ القلوب

 وفي ظلهأ مسكنُ للهناءِ

  وفيها يداوي لهيب ُ الفراق ِ

 ليغدو اللهيب ُ الفراق ص10

عبر ذاكرة حية مفعمة بالحيوية ، وبلغة مقتضبة وسهلة المعنى ، ولا تحتاج إلى التعقيد ،محملة  بالنضج الفني ،لما لهذه الدلالات من اثرٍ نفسي وجمالي على الروح الإنسانية التي شكلت هاجسه الأول منذ نعومة اظفاره ، حيث يقول في توطئة الديوان

" فهم كثمار يانعة ، وعلومها ناضجة ، ويسهل قطافها والوصول إاليها ، وزيتها نوراني يضيئ الطريق لمن ضل السبيل ،فبوركت من شجرة ، وبوركت ثمارها التي هي ثمار الأولياء " ص9

وفي قصائده العديدة والتي تجاوزت أكثر من ثلاثة وتسعين  قصيدة ،معتمدا على فكرة وحدة البيت إلى وحدة القصيدة ، وإيجاد تناسق وتوحيد بين الشكل والمضمون ، وتعددية التفعيلات في أبيات هذا الديوان ، والتي اشتغل عليها " سعد " وادخل عليها الميثيولوجيا الدينية التي هي من الحكايات التاريخية والمقدسة وتحتوي على حقائق عميقة تشمل الحكايات التقليدية على سبيل المثال لا الحصر القصص المذكورة في القران .

وفي قصيدة " كربلاء " يقول

يكفيهِ حب المصطفى بتشهدٍ

تكفيه ِ آيات ُ الكتاب ِ المنزلِ

 يكفيهِ عزاء ًأهل بيتِ محمدٍ       

 ذكرُ الكساءِ الخالدِ المتأصل ص72

 وهذه القصيدة التي توزعت على كشف الكنز الحقيقي ، والذي هو معرفة الله جل وعلا ، مؤكدا بقصائده هذه إلى أن هؤلاء لم يقولوا يوما بأنهم فوق البشر، وأن الإنسان لا يستطيع الوصول إلى كمالهم .

محاولا تضمينها افعالا وتجارب يعرفها الجميع ، ولكن يكتبها بطريقة مختلفة مبنية على الكلمة الطيبة الصادقة ، حيث رسم معالم ديوانه على تكنيك شعري جديد وفي سياق مرسوم على مر التاريخ وخاصة من الذين حملوا هم البشرية وأرادوا لها الخير والصلاح .ليس هذا فقط بل ضحوا بحياتهم وأغلى ما عندهم .وفي قصيدة " كربلاء " يقول

لم يرحموا أهلاً لبيت محمدٍ

 فأتوا بظلم دامس لا ينجلي

 كم بات يعقوب بلوعات الأسى

 من فقد ابن غائب لم يقبل ِص70

مؤكدا في هذا الديوان الذي كتبه شاعرنا على أنهم بشر عاديين تعبوا ، وضحوا ، حيث وقفوا في وجه أعتى عُتاة التاريخ أمثال " فرعون ، والامبراطورية الرومانية وغيرها " وهؤلاء تحملوا الالام والصعاب والأوصاب ، ولم يهنوا او يضعفوا .

وفي قصيدة " العابدُ والسكران ُ " يقول

فهذي كرومي ، عناقيد حب ً

 تمتع بعصر ٍ وشرب ٍ ونهل ِ

فخمر ستسقى بحب ً الإله ِ

هو المشتهى من نعيم وسؤال ِ ص92

وفي قصائده  هذه يحاول نشر المحبة والأمن والسلام بين البشرية جمعاء .جاعلا ً من الشعر رسالة ذات مضامين إنسانية ، باعتبار الشعر ناقلا للقيم الثقافية ، ونقل المعرفة ، ووثائق الأحداث التاريخية ، واستكشاف تجربة الإنسان ، وهو وسيلة للتواصل والتأمل داخل المجتمعات وعبر الأجيال .

 وفي قصيدة " الطامة "التي يقول فيها

فعلمني أن أحيل َ الأعادي

 بحبً وصفحٍ إلى أصدقاء ص64

وهي إحدى الحوادث المؤلمة التي وقعت في التاريخ الإسلامي بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام  بقليل . وفيها

  اشارة مهمة لهذا الديوان حتى أدخلنا شاعرنا " سعد " في ولادة الإنسان ، وعندما يولد الإنسان يولدُ معه الإحساس بالفقدان أو التوق إلى ما يكمله ُ ، فيبدأ بالسؤال عن هدفه من الوجود، ويشعر دوما ً كأنه فقد شيئا ً.

وفي قصيدة "  الطرب " يقول فيها

 بسوء النوايا وقولٍ هُراء ٍ

يزيدُ الشقاء ُ ويعلو الأنين ص20

ومن خلال هذا الديوان يسعى إلى إشباع هذا الإحساس ، فتراه ُ في بعض الأحيان يضل ُ الطريق، ويسعى لإرضاء  هذا الشعور بالمال أو السلطة أو بالأمور الدنيوية الأخرى ، وعندما يصل ُ إلى مبتغاه المادي تراهُ يشعر مجدداً أن هذا لم يكن ما يسعى إاليه ، ويبقى يشعر ُ بالوحدة والفراق وعدم الرضا . مستفيدا ً من تجاربهم لكي تنتشر السعادة بين البشر ، يسعى كالنحل ، رسالته كعسل حلو ومصفى .

يقول في قصيدة " الأنبياء "

 دعاةُ المحبةِ رسلُ السلام

نجوم تضيء ُ لتمحو الظلام ص21

بقى ان نقول ان هذا  الديوان يقع في 99صفحة من القطع المتوسط ، وصادر عن دار نشر " مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر " والكاتب هو شاعر وطبيب يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولد في مدينة " صيدا " لبنان وله العديد من المقالات والكتب الدينية والشعرية .